الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يفعله هذا الشخص من عقوق أمه وسبها وتهديدها، وكذا ما يقوم به من اعتداء على أخيه الأكبر- كل ذلك من كبائر الذنوب ولا شك، وقد بينا طرفاً من ذلك في الفتوى رقم: 39230، والفتوى رقم: 11649.
وقوله: إن له حقاً في مال والده غير صحيح، لأن الولد إذا بلغ وكان قادراً على الكسب فلا تجب نفقته على والده على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 66857.
ولكن كونه عاقاً لا يسوغ حرمانه من ميراث أبيه؛ لأن الميراث حق قسمه الله في كتابه بين عباده، ولا يمنع منه إلا من تحقق فيه مانع من موانع الإرث المبينة في الفتوى رقم: 15912.. وقد بينا سابقا أن الابن العاق لا يجوز حرمانه من الميراث، علماً بأن المال لا يسمى ميراثاً إلا بعد موت المورث، ولا يحق لأحد غير مالكه التصرف فيه قبل ذلك.
والذي ننصحكم به في هذا المقام هو أن تحاولوا علاج الولد عند طبيب نفسي مسلم متدين، فقد يكون هناك أسباب مرضية أو اختلالات هرمونية وراء هذه الانفعالات الشديدة، وقد جربت الأدوية الكيميائية في علاج ذلك فكان لها أثر كبير بفضل الله وتوفيقه..
ثم الواجب على الوالدين أن يراجعا علاقتهما بالله سبحانه، وأن يعلما أن عقوق الولد من أعظم المصائب والبلايا، وأن البلايا غالباً ما تكون بسبب المعصية أو التفريط في حقوق الله جل وعلا، فالواجب حينئذ تجديد التوبة والرجوع إلى الله، يقول ابن الحاج رحمه الله في كتابه المدخل وهو يتحدث عن المعاصي التي يقع فيها الزوجان وما ينتج عنها من الآثار السيئة: لا جرم أن التوفيق بينهما قل أن يقع، وإن دامت الألفة بينهما فعلى دخن، وإن قدر بينهما مولود فالغالب عليه إن نشأ العقوق وارتكاب ما لا ينبغي، كل ذلك بسبب ترك مراعاة ما يجب من حق الله تعالى منهما معاً. انتهى.
مع الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه أن يهدي الله هذا الولد إلى سواء السبيل، وأن يأخذ بناصيته إلى طريق الحق والصواب.
والله أعلم.