الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننصحك أولاً أيها السائل بألا تتسرع في أمر الطلاق، فإن الطلاق أبغض الحلال إلى الله لما يترتب عليه من تشتت شمل الأسر وتفرق جمعها، ولما ينتج عنه من ضياع الأولاد وفساد أحوالهم في الغالب، وربما قطيعة الأرحام.
وأعلم أن الذنوب لها أثر عظيم في مثل هذه المشاكل والخلافات الأسرية، فالواجب على الإنسان أن يراجع نفسه وعلاقته بربه ويستغفره ويتوب إليه إذا نزل به مثل هذا البلاء، يقول ابن الحاج رحمه الله في كتابه المدخل وهو يتحدث عن المعاصي التي يقع فيها الزوجان وما ينتج عنها من الآثار السيئة: لا جرم أن التوفيق بينهما قل أن يقع وإن دامت الألفة بينهما فعلى دخن، وإن قدر بينهما مولود فالغالب عليه إن نشأ العقوق وارتكاب ما لا ينبغي، كل ذلك بسبب ترك مراعاة ما يجب من حق الله تعالى منهما معاً. انتهى.
أما بخصوص الحضانة، فإن الأم هي الأحق بحضانة أولادها الذين لم يبلغوا سن السابعة ما لم تتزوج، أما من بلغ السابعة فقد حصل خلاف بين الفقهاء هل يضم إلى أبيه أو يخير بين الأب والأم، وكذا حصل الخلاف في البنت خاصة هل تستمر حضانتها إلى زواجها أم إلى بلوغها تسع سنوات أو غير ذلك، وكل هذا قد تم بيانه في الفتوى رقم: 6256.
والذي نراه راجحاً هو مراعاة مصلحة الطفل، قال الشوكاني في نيل الأوطار: واعلم أنه ينبغي قبل التخيير والاستهام ملاحظة ما فيه مصلحة للصبي، فإذا كان أحد الأبوين أصلح للصبي من الآخر قدم عليه من غير قرعة ولا تخيير، هكذا قال ابن القيم، واستدل بأدلة عامة نحو قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. وزعم أن قول من قال بتقديم التخيير أو القرعة مقيد بهذا، وحكى عن شيخه ابن تيمية أنه قال: تنازع أبوان صبيا عند الحاكم فخير الولد بينهما فاختار أباه، فقالت أمه: سله لأي شيء يختاره؟ فسأله فقال: أمي تبعثني كل يوم للكاتب والفقيه يضرباني، وأبي يتركني ألعب مع الصبيان! فقضى به للأم. انتهى.
فإذا حدث خصام أو نزاع فلا بد من اللجوء إلى القضاء للفصل في ذلك، ويراجع في ذلك الفتوى رقم: 120181.
والله أعلم.