الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا تم العقد بينك وبين باقي الورثة على السكنى في الشقة المذكورة لمدة معلومة بمبلغ معلوم فيجب عليكم الالتزام بهذا العقد، لأن عقد الإجارة من العقود اللازمة. جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا كانت الإجارة صحيحة ترتب عليها حكمها الأصلي، وهو ثبوت الملك في المنفعة للمستأجر، وفي الأجرة المسماة للمؤجر. انتهـى.
ومعنى أن عقد الإجارة عقد لازم من الطرفين، أنه ليس لواحد منهما فسخه إذا وقع صحيحا خاليا من خيار الشرط والعيب والرؤية، ويترتب على ذلك ملك المؤجر للأجرة وملك المستأجر للمنفعة، وأنه لا ينحل عقد الإجارة إلا بانتهاء المدة، أو تراضي الطرفين على فسخه قبلها وراجع في ذلك فتوانا رقم : 46107.
أما ما قمت به من صيانة هذا الدور ففيه تفصيل: فإذا قمت بهذه الصيانة بإذن الورثة الملاك فلك الرجوع بمقابلها، وإن كنت فعلت ذلك متبرعا فلا تستحق في مقابلها شيئاً، وكذلك إن كنت استأجرت الشقة راضيا بالعيب، ولكن يجوز لك أخذ ما قمت بإضافته للشقة إن لم يكن في قلعه ضرر على الشقة. قال الكاساني: وتطيين الدار، وإصلاح ميزابها، وما وهى من بنائها على رب الدار دون المستأجر، لأن الدار ملكه وإصلاح الملك على المالك ، لكن لا يجبر على ذلك ؛ ... فإن أصلح المستأجر شيئا من ذلك لم يحتسب له بما أنفق، لأنه أصلح ملك غيره بغير أمره ولا ولاية عليه، فكان متبرعا. انتهـى.
وجاء في درر الحكام ما ملخصه: على الآجر أن يصلح من المأجور ما يخل بمنفعته أو بالبناء، أي يعود على الآجر نوعان من النفقة على المأجور : 1 - ما يخل بمنفعة المأجور . 2 - ما يتعلق بالبناء أي فيما هو من قبيل البناء ... وإن عمل المستأجر هذه الأشياء منه كانت من قبيل التبرع وليس له طلب ذلك المصروف من الآجر أو أن يحسبه من الأجرة، أما إذا عمله بإذن الآجر فله الرجوع به عليه ... أما إذا عملها المستأجر لنفسه بدون إذن الآجر فينظر إذا كان ما أجراه المستأجر من الترميم والإصلاح ترميم غير مستهلك - كأخشاب وحجارة ولبن وآجر - فللمستأجر قلعه إذا لم يكن في قلعه ضرر على المأجور وإلا فلا . والترميم غير المستهلك هو ما أمكن قلعه وتفريقه عن أبنية المأجور دون أن يحدث ذلك ضررا له .... الترميم المستهلك : كالصبغ- الدهان- والتكليس ما لا يمكن تفريقه عن البناء. وراجع للفائدة فتوانا رقم: 119057 .
أما إقفال بعض الورثة للدور الأرضي فلا يجوز إلا أن يرضى بذلك جميع الورثة ويكونوا بالغين رشداء، فإن لم يرض جميع الورثة بذلك وجب عليهم تقسيم التركة، ومن طلب القسمة من الورثة وجب على الباقين الإجابة، ويمكنكم قسمة البيت بأحد أنواع القسمة الثلاثة المعروفة وهي: قسمة المهايأة، وقسمة المراضاة، وقسمة القرعة، أو يباع البيت ويعطى كل واحد منهم نصيبه من ثمنه، ويجوز أن يتفق الورثة برضاهم على عدم قسمة التركة حتى حين، بشرط أن يكون الورثة كلهم راشدين، وإذا تم الاتفاق على تأجيل التقسيم فإن الورثة يكونون شركاء في البيت شركة ملك، ولا يجوز لأحدهم أن يتصرف في البيت إلا بإذن الآخرين. وراجع في ذلك فتوانا رقم: 115419.
وأما حق بقيه الو رثه في مطالبة من أقفل الشقة من الورثة بقيمة السنين التي أقفلت، فإذا كان من أقفل هذه الشقة قد أقفلها بغير رضى باقي الورثة فإن حكمه حكم الغاصب، والغاصب يلزمه أجر المثل للعين المغصوبة سواء استوفى المنافع أو لم يستوفها، وهذا مذهب الجمهور وهو المذهب الراجح خلافاً للحنفية الذين لم يوجبوا ضمان منافع العين المغصوبة إلا في صور معينة منها مال اليتيم.
قال ابن قدامة في المغني: على الغاصب أجر الأرض منذ غصبها إلى وقت تسليمها. وهكذا كل ما له أجر، فعلى الغاصب أجر مثله ، سواء استوفى المنافع أو تركها حتى ذهبت ؛ لأنها تلفت في يده العادية، فكان عليه عوضها كالأعيان. انتهـى.
أما بالنسبة للأيتام فلا يجوز التصرف في أموالهم إلا للولي الشرعي، ويجب على الولي الشرعي أن يصرف المال في مصالحهم، ولا يجوز أن يؤخذ منه شيء إلا بحق شرعي، والأخذ منه بغير حق شرعي كبيرة من الكبائر. وراجع في ذلك فتوانا رقم: 118873.
وفي ختام الفتوى نقول إن مثل هذا المنازعات والقضايا لا تكفي فيها فتوى وإنما يفصل فيها القضاء الشرعي.
والله أعلم.