الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الصوم فعلٌ حسن وقربة إلى الله عز وجل، فمن استطاع أن يكثر منه كان مأجورا، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صام يوما في سبيل الله باعد الله به وجهه عن النار سبعين خريفا.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسرد الصوم أحيانا، ويسرد الفطر أحيانا، ففي الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم.
وفيهما عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم إذا صام حتى يقول القائل: لا والله لا يفطر، ويفطر إذا أفطر حتى يقول القائل: لا والله لا يصوم.
وروى أحمد والنسائي من حديث أسامة بن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام يسرد حتى نقول لا يفطر... الحديث.
وبه تعلم أن صوم شهرين متتابعين سرداً أو أقل أو أكثر جائزٌ بلا كراهة إن شاء الله، وشرط ذلك ألا يتخلل تلك الأيام شيء من الأيام المنهي عن صيامها، وإن كان الأولى والأكمل في الصوم ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وذكر أنه أفضل الصوم وهو صوم داود عليه السلام، فقد كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.
وقد أخبرت عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صوم شهر قط غير رمضان. متفق عليه.
وعليه، فالأولى للمسلم أن يحرص على صوم يوم وفطر يوم إن قدر على ذلك، ومن وجد في نفسه قوة، وأحب أن يسرد الصوم فلا جناح عليه، وانظر الفتوى رقم: 23939.
وليتنبه إلى أن صيام الشهرين المتتابعين واجب في كفارة الظهار، وكفارة قتل الخطأ، وكفارة الجماع في نهار رمضان في حق من عجز عن عتق الرقبة.
والله أعلم.