الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل رفض والدتك دفع إيجار الشقتين لك وإنكار إخوانك استحقاقك لهما قائم على أنهما ملك لأبيك وليستا ملكا لك، نظرا لعدم تسجيلهما باسمك، أو على أن ما قمت به من البناء كان هبة منك ومساعدة لأبيك، ولو كان والدك حيا لا يحق له الرجوع في ما وهب لك بعد البناء والتصرف فيه، وما ترتب على ذلك من الحقوق وحمل الدين وأحرى غيره، فقد جاء في كتاب المبسوط وهو حنفي المذهب:
وإن كانت الهبة دارا أو أرضا فبنى في طائفة منها أو غرس شجرا فلا رجوع له في شيء من ذلك.
ولذلك، فإن عليك أن تثبت ملكيتك للشقتين وتستعين بمن أقر لك من إخوانك وأخواتك وجيرانك، وأن ترك إيجارهما لأمك لا يعني هبتهما لها وإنما هو لحاجتها إليه وعدم حاجتك له في ذلك الوقت، وأن ترك تسجيلهما باسمك إنما كان احتراما لأبيك وحياء منه ولم يكن ذلك بقصد الهبة ولا المساعدة له.
هذا وننبه إلى أنه لا يجوز للأبوين تفضيل بعض أبنائهما على بعض في العطية دون مبرر شرعي-على الراجح من أقوال أهل العلم- كما سبق بيانه في الفتوى: 6242 .
وعلى كل حال، فالواجب عليك أن تبر أمك ولو حصل منها جور أو تقصير، ولا يجوز للأم والإخوة أن يمنعوا أخاهم حقه لمجرد عدم تسجيله باسمه.
كما ننبه إلى أن مثل هذه القضايا التي فيها دعاوى وحقوق مشتركة، مثل التركات، والحكم على الغائب، والميت ونحو ذلك. يجب أن يكون مرجعها إلى المحاكم الشرعية فهي التي بإمكانها التأكد منها، والاطلاع على حقائقها، والنظر في جميع جوانبها أما الفتوى- وإن كانت قد تجيب على السؤال بناء على معطياته- فلا يصح الاعتماد عليها والقطع بها.
والذي ننصح به في مثل هذه الحالة بعد تقوى الله تعالى هو المصالحة والسعي في إصلاح ذات البين خاصة إذا كان الأمر بين الولد ووالدته والأخ وإخوته.
والله أعلم .