الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذُكر عن العلماء الأجلاء هو ما يوافق مذهب جمهور أهل العلم، ولا شك في أنه أحوط الأقوال وأولاها بالعمل، ولمزيد من البيان نقول: ههنا مسألتان:
الأولى: إذا حاضت المرأة بعد دخول وقت الصلاة، فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فمنهم من ألزمها بالقضاء كالشافعي وأحمد، ومنهم من لم ير القضاء لازماً للمرأة كمالك وأبي حنيفة، لأنها ليست مفرطة بالتأخير، فلا يلزمها القضاء، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظري الفتوى رقم: 2647.وهذا القول قويٌ من حيث الدليل، والقول الأول وهو لزوم القضاء أحوط.
والمسألة الثانيةهي: إذا ما طهرت المرأة في وقت الصلاة الثانية من الصلاتين اللتين يجوز الجمع بينهما، كأن طهرت في وقت العصر أو وقت العشاء، فإنه يلزمها عند الجمهور صلاة تينك الصلاتين، وهذا القول هو الراجحُ من حيث الدليل لفتوى الصحابة به، ولا يُعلم لمن أفتى به منهم مخالف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قال الصحابة ، كعبد الرحمن بن عوف وغيره: إن المرأة الحائض إذا طهرت قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء، وإذا طهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر . وهذا مذهب جمهور الفقهاء، كمالك، والشافعي، وأحمد. انتهى
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: َإِذَا طَهُرَتْ الْحَائِضُ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ, صَلَّت الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ, وإن َطَهُرَتْ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ, صَلَّت الْمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ ؛ لما رَوَى الْأَثْرَمُ, وَابْنُ الْمُنْذِرِ, وَغَيْرُهُمَا, بِإِسْنَادِهِمْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف, وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس , أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ: تُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ, فَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ, صَلَّتْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى حَالَ الْعُذْرِ, فَإِذَا أَدْرَكَهُ الْمَعْذُورُ لَزِمَهُ فَرْضُهَا, كَمَا يَلْزَمُهُ فَرْضُ الثَّانِيَةِ. انتهى بتصرف.
ولمزيد فائدة انظري الفتوى رقم: 37654.
والله أعلم.