الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يلزم المصلي أن يصلي إلى الجدار، بل يشرع لكل مصل أن يصلي إلى شيء يستره من الناس ويمنع مرور المار بين يديه، ولا يلزم أن تكون هذه السترة جداراً، فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل في غزوة تبوك عن سترة المصلي فقال: مثل مؤخرة الرحل. وقد بين قدر السترة وطولها وذلك في الفتوى رقم: 57303.
وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستتر بالعنزة وهي عصا قصيرة، أقصر من الرمح لها سنان، وقيل هي الحربة القصيرة - أفاده الحافظ ـ فكان يغرزها في الأرض ويصلي إليها، وكانت هذه سترته غالباً، فعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة، فيستنجي بالماء. متفق عليه. وإنما كانت تحمل له العنزة ليستتر بها إذا أراد الصلاة، كما بين ذلك الحافظ في الفتح، قال رحمه الله في أوجه حمل العنزة معه صلى الله عليه وسلم وذكر بعضها ثم قال: أو تحمل لأنه كان إذا استنجي توضأ، وإذا توضأ صلى. وهذا أظهر الأوجه. انتهى.
وبهذا يتبين لك أن صلاتك إلى ما ذكر صحيحة لا كراهة فيها، وأن الطاولة ونحوها يصلح أن تكون سترة للمصلي، لكن ننبهك إلى أن سلة القمامة إذا كانت تحتوي على شيء من النجاسات ظاهر، فإنها لا تتخذ سترة، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حكم الاستتار بالنعال: لا بأس بها، إلا إذا كان فيها شيء بين من نجاسة أو أذى، فلا يتخذها سترة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى أن يبصق أمام وجهه)، أما إذا كان ليس فيها أذى أو نجاسة تشاهد، فلا حرج أن تتخذ سترة. انتهى.
والله أعلم.