الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبمجرد تحقق موت والدكم أصبحت كل ممتلكاته حقاً لجميع ورثته الشرعيين بعد سداد ما كان عليه من الديون ودفع ما أوصى به من الوصايا، ولا يجوز لأحد أن يمنعكم من المطالبة بحقكم من التركة.
فما فعلته أمكم وإخوتكم من منعكم حقكم ومقاطعتكم من أجل ذلك، هو ظلم بيّن وتعدٍ لحدود الله، لكن ذلك لا يبرر الإساءة إليها أو التقصير في برها والإحسان إليها، فإن حق الأم عظيم، وكذلك صلة إخوتكن فقد أمرنا الله بصلة الرحم حتى لمن يقطعنا، فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. صحيح البخاري.
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيؤونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. صحيح مسلم. تسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.
فعليكم بر أمكم وترك قطيعتها، أما عن طلبها منكم التنازل عن حقكم، فلا يلزمكم طاعتها في ذلك، ولا إثم عليكم في ترك طاعتها في التنازل عن حقكم في الميراث.
و عليكم مداومة صلتها وبرّها بما تقدرون عليه، لكن إذا كان لها مصلحة في تنازلكم وكان ذلك لا يضركم فالأولى أن تتنازلوا لها، كسباً لرضاها، ولعل الله يخلف عليكم ويعوضكم خيراً.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 60198.
والله أعلم.