حكم التعامل مع البنوك الربوية لضمان عدم هيمنة المؤسسات الأجنبية

18-4-2009 | إسلام ويب

السؤال:
أتقدم إلى سيادتكم الموقرة بهذه الرسالة لإيجاد الحل الشرعي حول الموضوع التالي:
تدفع الجامعة الجزائرية أفواجا من حاملي الشهادات إلى سوق العمل سنويا.وعلى إثر البطالة التي أصبحت شبح العصر بالجزائر، أصبح تفكير الإطارات العاطلة يسعى من أجل خلق مناصب شغل عن طريق إنشاء مؤسسات صغيرة، لكن هذه الأخيرة تتطلب رأس مال معتبر من أجل إنشائها، مع العلم أن أغلبية خرجي الجامعة من شريحة الفقراء، الوسيلة الوحيدة للحصول على رأس المال لإنشاء مشروع حتما يكون اللجوء إلى البنوك الجزائرية، واللجوء إلى البنك الجزائري معناه اللجوء إلى التعامل بالربا، لأن كل البنوك الجزائرية تتعامل بالربا، هذا في غياب البنوك الإسلامية ببلادنا. من هنا يبدأ الإشكال :
على إثر الوضعية التي تعاني منها الجزائر حاليا ومستقبلا، لاسيما مع سياسة اقتصاد السوق فإن الأمر يتطلب تجنيد كل القوى الناشطة للمجتمع الجزائري من أجل الوقوف والتصدي للاستعمار الاقتصادي الجديد.
إذا رجعنا إلى موقف الإسلام الذي لا يرضى بالفقر والتخلف، ولا بالبطالة، ولا يرضى بالتبعية الاقتصادية والثقافية، ولا يرضى بانتشار الفساد الاجتماعي والأخلاقي، كالسرقة والزنا، والخمر والمخدرات، والغش وجميع أشكال المنكرات من جهة، ومن جهة أخرى فإن الإسلام يتوافق مع الاكتفاء الذاتي ومحاربة جميع أشكال التخلف والتبعية .السؤال الجوهري:
إذا كانت البنوك الجزائرية الربوية تستغل الظروف في غياب البنوك الإسلامية ببلادنا، فهل يجوز لنا التعامل معها لإنشاء المؤسسات لمواجهة الاستعمار الاقتصادي بالتدرج من خلال الاكتفاء الذاتي؟ أم نترك المؤسسات الأجنبية تحتل الجزائر ونكتفي بالاستهلاك فقط؟ هل الإسلام يرضى بذلك ؟
فما هو الحكم الشرعي في هذا الأمر؟
كذلك الجامعي أو الشاب الجزائر إذا اقترض مالا من البنك، لا يستطيع أن يرجعه خلال سنة، حتى لا يدخل في دائرة الحرام، ما العمل؟
نرجو من سيادتكم أن تكون الإجابة أيضا على البريد الالكتروني؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن التعامل  مع البنوك المذكورة لا يجوز ما دامت تتعامل بالربا.وليست هنالك ضرورة فيما ذكرت، وعلى الدولة الإسلامية إن كانت تحارب البطالة والتخلف، وتخشى من هيمنة الاستعمار أن تراعي حاجة مواطنيها في فتح مجالات مشروعة يمكن التعامل معها لإنشاء المشاريع، وأخذ القروض الحسنة، وإجراء المعاملات المشروعة كالمرابحة ونحوها، مما يمكن المواطن من الاستفادة بالحصول على حاجته وتنمية مجتمعه، وتقوية موارد وطنه، كما أن في تلك المعاملات المشروعة فائدة أيضا لأصحابها لأن فيها ربحا مشروعا لا ربا ممنوعا .وإذا أبدى الشباب رغبتهم في ذلك وعرضوا مطالبهم على الدولة فإنها ستستجيب غالبا.

 ولا يجوز لهم اللجوء إلى البنوك الربوية والاقتراض منها بالربا إلا عند الضرورة القصوى، ولا ضرورة فيما ذكر.وعندما تجد البنوك إحجام الناس عن التعامل معها ستضطر إلى فتح فروع ومصارف إسلامية، لأن غرضها الربح، ولا يتحقق إلا بكثرة الطلب، وزيادة الإقبال، حتى أنه في بعض دول الغرب فتحت مصارف إسلامية كما في بريطانيا لتلبية وجذب الزبناء من المسلمين.

مع أنه في الجزائر بنوك ترفع شعارات إسلامية كبنك البركة ونحوه، فإن كانت تلتزم بالضوابط الشرعية في معاملاتها فتجوز معاملتها.لتمويل المشاريع ونحوها وفق ضوابط الشريعة. وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 6501 ، 1297 .

وأما من اقترض مالا بالربا لغير ضرورة ملجئة فإنه قد ارتكب إثما عظيما، وعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله عز وجل وتسديد ما أخذه، وإن استطاع رد رأس المال فحسب فلا يلزمه غيره، وإلا رد الجميع متى استطاع مع الندم والعزم ألا يعود إلى مثل ذلك.

والله أعلم.

 

www.islamweb.net