الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك إلى أن الواجب في النجاسة إزالتها، وليس الاغتسال عند كل صلاة. ثم اعلمي أن القيء إذا تغير عن صفة الطعام كان نجسا عند عامة أهل العلم ونقله النووي إجماعا، وأما إن لم يتغير فذهب أنه نجس كذلك، وذهب المالكية إلى التفريق بين أن يكون القيء متغيرا قد طبخته المعدة فيكون نجسا، وأن يكون غير متغير فيكون طاهرا, وهذا القول وجيه جدا، ولا بأس في الأخذ به وبخاصة في حال المشقة الظاهرة.
جاء في الموسوعة الفقهية: اختلفت الآراء في طهارة القيء ونجاسته . فيقول الحنفية والشافعية والحنابلة بنجاسته ولكل منهم تفصيله, وبذلك يقول المالكية في المتغير عن حال الطعام ولو لم يشابه أحد أوصاف العذرة. انتهى.
وعلى هذا فالأمر يسير- إن شاء الله- فما كان من قيء طفلتك غير متغير حكمنا بطهارته, وعلى مذهب الجمهور من عدم الفرق، والحكم بنجاسة القيء مطلقا، فليس التحرز منه بهذه الدرجة من الصعوبة، إذ يمكنك أن تتخذي ثيابا خاصة بالصلاة، وفراشا خاصاً بالصلاة، فإذا حضرت الصلاة لم يكن ثم مشكلة. وتغسلين ما تتيقنين أنه أصابك من هذا القيء، وأما اليسير من القيء مما قد يعلق بالثياب، أو اليد ونحو ذلك مما يشق التحرز منه، فقد نص كثيرٌ من الفقهاء على أنه معفوٌ عنه، وهذه قاعدة الشريعة في التيسير ورفع الحرج.
قال ابن القيم في تحفة المودود: ريق المولود ولعابه من المسائل التي تعم بها البلوى، وقد علم الشارع أن الطفل يقيء كثيراً، ولا يمكن غسل فمه، ولا يزال ريقه يسيل على من يربيه، ولم يأمر الشارع بغسل الثياب من ذلك، ولا منع من الصلاة فيها، ولا أمر بالتحرز من ريق الطفل، فقالت طائفة من الفقهاء: هذا من النجاسة التي يعفى عنها للمشقة والحاجة كطين الشوارع، والنجاسة بعد الاستجمار، ونجاسة أسفل الخف والحذاء بعد دلكهما بالأرض. انتهى.
والله أعلم.