الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإن الضرب هو آخر العلاج، لا يجوز اللجوء إليه مباشرة، دون استيفاء ما قبله من المراحل، من وعظ، وزجر، ونحوهما, فالأولى بك أن تذكّر أختك بالله، وبأمره ببر الوالدين، وأن حقّ الأمّ عليها هو من أعظم الحقوق، التي وصى بها الله ورسوله.
فإن لم تستجب، وتمادت على ذلك، فيمكنك أن تهجرها؛ لأن هجر العصاة مشروع، وكثيرًا ما يكون زاجرًا للمرء عن ارتكاب الآثام، وقد بينا في الفتوى: 116397 حكم هجر الأرحام الذين يصرّون على المعاصي.
فإن لم تنته عن فعلها هذا، فيمكنك ضربها حال إساءتها لأمك، إذا لم تنته عن فعلها إلا بذلك، ويعدّ هذا من تغيير المنكر باليد؛ بشرط أن تجتنب الوجه، والمقاتل، وأن تقتصر على قدر الحاجة، وأن تأمن الضرر، قال الإمام ابن الجوزي كما في غذاء الألباب شرح منظومة الآداب: الضرب باليد، والرجل، وغير ذلك مما ليس فيه إشهار سلاح، أو سيف، يجوز للآحاد؛ بشرط الضرورة، والاقتصار على قدر الحاجة. انتهى.
أما بعد حصول الإساءة، فليس لك ضربها؛ لأن المنكر قد حصل وانتهى, فضربك لها حينئذ من قبيل التأديب, وولاية التأديب لا تثبت إلا للإمام، أو نائبه، والولي ولاية خاصة -كالأب، والجد، والوصي، والمعلم بإذن الولي، والزوج، على خلاف بين الفقهاء هل يقتصر التأديب على ما يتعلق بحقوق الزوجية أم يتعدى ذلك إذا قصرت في حقوق الله.
جاء في الموسوعة الكويتية: وليس لغير هؤلاء ولاية التأديب، عند جمهور الفقهاء، غير أن الحنفية قالوا: يقيم التأديب إذا كان حقًّا لله كل مسلم في حال مباشرة المعصية؛ لأنه من باب إزالة المنكر، والشارع ولّى كل مسلم ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده. أما بعد الفراغ من المعصية، فليس بنهي؛ لأن النهي عما مضى لا يتصور، فيتمحض تعزيرًا، وذلك إلى الإمام. انتهى.
والله أعلم.