الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن الإنسان لا يسأل إلا عما يحتاجه ولا يعرف حكمه، فأما إن كان الأمر بعيدًا عن حال السائل ولم يبتل به، أو كان حكمه واضحًا في القرآن أو السنة، أو شيء لم يقع ويستبعد وقوع مثله له، فلا يقال له: لماذا لم تسأل عن حكم كذا.
والسؤال عن العادة السرية مما لم يكن الصحابة في حاجة إلى السؤال عن مثله، فقد كانوا من أفقه الناس وأعلمهم، ولم يكونوا يسألون إلا عما ينفعهم مما هم في حاجة إليه وقد نزل بهم، وقد روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قوله: مَا رَأَيْتُ قَوْمًا كَانُوا خَيْرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَأَلُوهُ إِلَّا عَنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً حَتَّى قُبِضَ كُلُّهُنَّ فِي الْقُرْآنِ مِنْهُنَّ: يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ {البقرة:217}، وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ {البقرة:222} ، مَا كَانُوا يَسْأَلُونَ إِلَّا عَمَّا يَنْفَعُهُمْ.رواه الدارمي والضياء في المختارة وغيرهما.
وقد وضح ابن القيم رحمه الله معنى كلام ابن عباس السابق فقال: قلت: ومراد ابن عباس بقوله: ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة، المسائل التي حكاها الله في القرآن عنهم، وإلا فالمسائل التي سألوه عنها وبين لهم أحكامها بالسنة لا تكاد تحصى، ولكن إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم من الواقعات، ولم يكونوا يسألونه عن المقدرات والأغلوطات وعضل المسائل، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها، بل كانت هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به، فإذا وقع بهم أمر سألوا عنه فأجابهم. اهـ. من أعلام الموقعين.
وقد يكون المانع لهم من السؤال عن هذا الأمر أنهم عرفوا حكمه من قول الله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {المؤمنون:5-7}.
وللاطلاع على أدلة تحريمها، وأضرارها راجع الفتوى: 7170
والله أعلم.