الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالراجح أن الفوارق المادية والاجتماعية ليست مانعاً من القبول في الزواج، وإنما المعتبر في الزواج هو الكفاءة في الدين، كما سبق في الفتوى رقم: 2346.
فينبغي للأهل تعجيل زواج الفتاة إذا تقدم إليها ذو دين وخلق، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ. رواه ابن ماجة و الترمذي وحسنه الألباني.
أما عن سؤالك، فاعلمي أنه يشترط لصحة الزواج الولي، ولا يصح للمرأة أن تزوج نفسها، فالزواج بلا ولي باطل عند جمهور العلماء، خلافاً للإمام أبي حنيفة رحمه الله، ومذهب الجمهور هو الأصح، لقوة أدلته، وانظري الفتوى رقم: 111441.
وعلى ذلك فلا يجوز لك الزواج بدون علم أهلك أو إذنهم، فذلك لا يصح، ويعد من العقوق لهم، فإذا كان هذا الرجل الذي تقدم إليك ذو دين وخلق، فعليك أن تجتهدي في محاولة إقناع أهلك بزواجك منه، وتوسطي من أقاربك من يعينك على ذلك، مع الاستعانة بالله والدعاء، فإذا رفض أهلك، فيمكنك رفع أمرك إلى القاضي الشرعي ليزوجك، أو يأمر من يفعل ذلك من أوليائك، فإن الشرع قد جعل الولاية تنتقل إلى الولي الأبعد للمرأة إذا عضلها الولي الأقرب، ومعنى عضلها: أن يمنع تزويجها من كفئها الذي ترغب في الزواج منه، فإذا عضل الأبعد زوجها القاضي، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن تشاجروا؛ فالسلطان وَلِي من لا وَلِي له.
واعلمي أن الشرع لا يقر التعارف بين الرجال والنساء الأجانب وإقامة علاقات ولو كانت بهدف الزواج، وإنما المشروع أن الرجل إذا أراد الزواج بامرأة يخطبها من وليها ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها، وعلى ذلك فهذا الرجل أجنبي عنك فلا يجوز لك مقابلته والجلوس معه ولا الكلام معه لغير حاجة معتبرة.
وأما حكم ذلك فهو وإن كان غير الزنا الذي يوجب الحد إلا أنه باب من أبوابه، ومدخل من مداخله، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم، زنا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. متفق عليه.
فالواجب عليك قطع علاقتك به حتى ييسر الله لكما الزواج، أو يرزقك الله بزوج صالح، وثقي أن في الاستقامة والصبر ومخالفة الهوى الخير الكثير والأجر الكبير، قال تعالى: وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. {هود: 115}
والله أعلم.