الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعزم على حفظ القرآن كاملا، ابتغاء وجه الله وطلبا للثواب عنده، من أجل القربات، ولا حرج مع هذا في أن ينوي أن يكون ذلك سببا لتيسير زواجه من امرأة حافظة للقرآن، فإن حفظ القرآن مما يندب طلبه في الزوجة بلا شك، وليس هذا من إرادة الدنيا وطلبها.
ولكن ليس في قوله تعالى: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ {النور:26} ما يدل على ذلك، فليس معناها أن من كان حافظا للقرآن مثلا فستكون زوجته كذلك، ومن كان كريما فستكون زوجته كذلك، ومن كان بخيلا فستكون زوجته كذلك، وهكذا. ليس هذا هو المراد بالآية الكريمة، قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: المراد بالخبث خبث الصفات الإنسانية كالفواحش. وكذلك المراد بالطيب زكاء الصفات الإنسانية من الفضائل المعروفة في البشر، فليس الكفر من الخبث ولكنه من متمماته. وكذلك الإيمان من مكملات الطيب، فلذلك لم يكن كفر امرأة نوح وامرأة لوط ناقضاً لعموم قوله: الخبيثات للخبيثين فإن المراد بقوله تعالى: كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما، أنهما خانتا زوجيهما بإبطان الكفر. ويدل لذلك مقابلة حالهما بحال امرأة فرعون إذ قالت رب ابْنِ لي عندك بيتاً في الجنة إلى قوله: ونجني من القوم الظالمين. انتهـى.
وقد سبق بيان معنى هذه الآية في الفتوى رقم: 33972.