الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينَّا أن آزر هو والد إبراهيم -عليه السلام- وأنه مات على الكفر، وذلك في الفتوى: 15511.
وأما الدعاء المذكور في سورة إبراهيم لوالديه، فكان قبل أن يتبين له أن أباه عدوّ لله، كما في آية سورة براءة، وهو ما رجحه المحققون من أهل التفسير، قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري: وهذا دعاء من إبراهيم -صلوات الله عليه- لوالديه بالمغفرة، واستغفار منه لهما. وقد أخبر الله -عزَّ ذكره- أنه لم يكن اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ. اهـ.
وقال الألوسي في روح المعاني: رَبَّنَا اغفر لِي: أي ما فرط مني مما أعده ذنباً، وَلِوَالِدَيَّ: أي لأمي وأبي، وكانت أمه على ما روي عن الحسن مؤمنة فلا إشكال في الاستغفار لها، وأما استغفاره لأبيه: فقد قيل في الاعتذار عنه إنه كان قبل أن يتبين له أنه عدو لله سبحانه، والله تعالى قد حكي ما قاله عليه السلام في أحايين مختلفة، وقيل: إنه عليه السلام نوى شرطية الإسلام والتوبة.. وقيل: أراد بوالده نوحاً عليه السلام، وقيل: أراد بوالده آدم، وبوالدته حواء عليهما السلام، وإليه ذهب بعض من قال بكفر أمه. اهـ.
وأما المعنى الذي أشرت إليه، فقد ذهب إليه بعض المفسرين، وله حظ من النظر، لكنه مرجوح بما ذكرنا من أقوال المحققين من أهل العلم.
والله أعلم.