الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنلخص لك الجواب حول مشكلتك فيما يلي:
1- اجعلي همك الآن هو إتمام زواجك ولو أمكن أن تعجليه أكثر من هذا فهو خير لك، لأن بيتكم -كما تقولين- قد صار موطن فتنة، والمؤمن عليه أن يغادر أماكن الفتن ويفر منها، ولا قدرة لك على ذلك إلا بالزواج، فاجتهدي قدر وسعك وطاقتك أن تتمي الزواج في أسرع وقت.
2- ذكرت في حديثك أنك تكلمين خطيبك في الهاتف، فننبهك إلى أن الخاطب أجنبي عن المخطوبة حتى يتم عقد الزواج بينهما، فطالما أنه قد تمت الخطبة وتم التوافق فلا داعي حينئذ للكلام إلا إذا دعت لذلك حاجة، فيكون الكلام حينئذ بقدر الحاجة مع مراعاة الآداب الشرعية من ترك الانبساط في الحديث والخضوع بالقول ونحو ذلك، أما ما وراء ذلك من الخلوة والخروج سويا دون محرم فهو حرام بلا شك.
3- أما ما كان من شأن أختك هذه – هداها الله – فننصحك أن تحاولي أن تتألفيها، وأن تحدثيها حديث المشفق عليها الطامع في إصلاحها وهدايتها فتبيني لها قبح ما تصنعه وأن عاقبة هذا هو الفضيحة والخزي والعار في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وأخزى، ثم حاولي أن تربطيها ببعض الأخوات الصالحات اللاتي لهن دور في الدعوة إلى الله ودينه، فلربما كانت أسمع لكلامهن منك، ولربما كان تأثيرهن عليها أكبر. فإن أبت فعليك أن تخبري إخوتك بكل ما تصنعه، وأن تحرضيهم على أن يأخذوا منها موقفا حازما بمنعها من الخروج من البيت تماما، فإن خرجت لحاجة فعلى أحدهم أن يصحبها في خروجها حتى رجوعها ولا يتركوها بمفردها، لكن ينبغي أن يتم هذا في جو من الهدوء وضبط الأعصاب، وأن يتجنبوا الضرب والعنف؛ لأنه غالبا ما يأتي بعكس المقصود، ولو سعوا مع ذلك إلى سرعة تزويجها من بعض أهل الخير والصلاح ممن يحفظ عليها دينها ودنياها فهو خير ولا شك. ولو أردت منعها من دخول بيتك بعد الزواج فهذا جائز لا حرج فيه طالما أنها مقيمة على معصيتها ولم تتب من ذنبها.
4- أما ما كان من والدك وتركه للصلاة ورميه للمحصنات المؤمنات فسبيل إصلاحه النصيحة بالحكمة والرفق والموعظة الحسنة، وأن يبين له أن هذا مما نهى الله عنه وحرمه، وأنه لا يرضى لأحد من الناس أن يخوض في عرضه بهذه الطريقة التي يخوض بها في أعراض الناس، مع ملاحظة أنه لا يجوز لكم تعنيفه ولا إيذاؤه مهما كان منه، لكن إن اشتدت الأمور وزاد أذاه فيمكنكم حينئذ أن تتجنبوه بالقدر الذي يدفع أذاه عنكم مع دوام مصاحبته في الدنيا معروفا.
5- أما ما كان من أختك الأخرى التي شتمت خطيبك وسبته وأهانت أهله، فسبيل هذا العفو عنها والتغاضي عن أذاها، فما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، فهذه هي الأخلاق التي ندب الله عباده إليها قال سبحانه: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى: 43}، وما اتخذته من قرار بعدم دعوتها لحضور زفافك لا يجوز ما لم يكن بقصد ردعها عن إصرارها على المعصية؛ لأنه من قطيعة الرحم وهي محرمة.
ونذكرك عموما بالعفو وبذل الندى وكف الأذى ومحاولة القيام بواجب الصلة لأرحامك بقدر ما تستطيعين، إلا إذا دخل عليك من بعض أرحامك ضرر في دنياك أو فتنة في دينك، فإنه يشرع لك حينئذ هجره دفعا للمفسدة وتحقيقا للسلامة والمصلحة.
والله أعلم.