الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأت خطأ كبيراً، وسلكت سلوكاً مشيناً بما زعمته اختباراً لعفة زوجتك، وأتبعت ذلك بسوء الظن واتباع وساوس الشيطان ونزغاته حتى كرهت زوجتك، وأوشكت على فك رباط الأسرة وتشتيتها، وكل ذلك لمخالفتك للشرع الذي أمر بإحسان الظن بالمسلمين، فإن الأصل براءة المسلم من التهمة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا {الحجرات:12}، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخون الرجل زوجته، فعن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يلتمس عثراتهم. رواه مسلم. قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: ومعنى الحديث النهي عن التجسس على أهله وألا تحمله غيرته على تهمتها إذا لم يأنس منها إلا الخير. اهـ
وقال ابن حجر في فتح الباري: وفيه التحريض على ترك التعرض لما يوجب سوء الظن بالمسلم.
فالواجب عليك الآن هو التوبة إلى الله عز وجل مما ألممت به من المخالفة، وتجنب إساءة الظن والتجسس بدون مسوغ، وننصحك أن تمسك زوجتك بالمعروف، وأن تجتهد وإياها في إقامة حدود الله، وتتعاونا على طاعة الله، وتعلمها ما يلزم من أمور الدين، ولا سيما في أمر الصلاة، فإنها أعظم أمور الدين بعد الإيمان، وأما عملها فما دامت قد اشترطت عليك في العقد أن تظل في عملها فليس لك منعها منه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1357.
لكن إذا كان عملها يشتمل على مخالفة شرعية، كالخلوة بالرجال الأجانب أو الاختلاط المحرم أو السفر بغير محرم، فلا عبرة بشرطها، ويجب عليك منعها منه، وانظر في شروط وضوابط عمل المرأة الفتوى رقم: 8528، والفتوى رقم: 5181.
والله أعلم.