الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يظهر أن السائق الأول وصاحب الشاحنة إن ثبتت الدعوى عليه متسببان في موت الرجل، فإن علمت نسبة تأثير كل منهما عمل بمقتضاها، وكان على عاقلته من الدية ما يناسب تأثيره، وإن جهلت حكم بالتساوي فتدفع عاقلة كل واحد منهما نصف الدية، وعلى كل منهما كفارة قتل الخطأ... جاء في قرار صادر عن المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: إذا اجتمع سببان مختلفان كل واحد منهما مؤثر في الضرر فعلى كل واحد من المتسببين المسؤولية بحسب نسبة تأثيره في الضرر، وإذا استويا أو لم تعرف نسبة أثر كل واحد منهما فالتبعة عليهما على السواء. اهـ
وننبه إلى أن محل ضمان السائق ما إذا وقع منه تفريط بأن قصر فيما يلزمه من صيانة أو خالف نظم السير، وأما ما وقع بأمر قاهر دون تفريط منه فلا يضمنه، جاء في قرار المجمع السابق: ثانياً: الحوادث التي تنتج عن تسيير المركبات تطبق عليها أحكام الجنايات المقررة في الشريعة الإسلامية، وإن كانت في الغالب من قبيل الخطأ، والسائق مسؤول عما يحدثه بالغير من أضرار، سواء في البدن أم المال، إذا تحققت عناصرها من خطأ وضرر، ولا يعفي من هذه المسؤولية إلا في الحالات الآتية:
1- إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها، وتعذر عليه الاحتراز منها، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان.
2- إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيراً قوياً في إحداث النتيجة.
3- إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه فيتحمل ذلك الغير المسؤولية..
وعلى هذا فإذا كان كل من السائق الأول والسائق الثاني غير مفرطين ولا متعديين فيما يباح لهما من السرعة فلا ضمان عليهما، وإن كان أحدهما مفرطاً أو متعدياً ضمن بقدر خطئه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2152، وللأهمية راجع في ذلك الفتوى رقم: 55897.
والله أعلم.