الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فطالما أن هذا الشخص قد هجرك لمدة ثلاث سنوات، ولم يعد يرد على اتصالاتكم، ولم يسع في إتمام الزواج، فيمكنك حينئذ طلب الطلاق منه للضرر. فقد نص العلماء على أن هجر الزوجة بدون سبب يبيح للمرأة طلب الطلاق, وقال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها. انتهى.
والمرأة إذا طلقت قبل الدخول وقبل الخلوة الشرعية لها حقوق سبق بيانها بالتفصيل في الفتاوى رقم: 110393، 1955.
فإذا حصلت هناك خلوة يمكن فيها حصول الوطء عادة فلها أحكام أخرى سبق بيانها في الفتويين رقم: 96121، 41127.
على أننا ننبه إلى أن هذا الشخص إذا خالف الشروط المشترطة عليه، سواء كانت مما يقتضيه العقد أو مما هو مصلحة لك، وليس مخالفا لمقتضى العقد، فإن هذا يثبت لك الخيار في إمضاء العقد أو فسخه، وهذا رأي الحنابلة وهو الراجح من أقوال العلماء, وقد استدلوا على ذلك بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. {المائدة: 1} واستدلوا أيضا بحديث: إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم: المسلمون على شروطهم. وقد ورد عند الأثرم بسنده أن رجلاً تزوج امرأة، ثم إنه شرط لها دارها، ثم أراد أن ينقلها عن هذه الدار، فخاصموه إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال: لها شرطها. مقاطع الحقوق عند الشروط.
جاء في الروض المربع وحاشية ابن قاسم: والمعتبر من الشروط ما كان في صلب العقد أو اتفقا عليه قبله وهي قسمان: صحيحٌ، وإليه أشار بقوله: إذا شرطت طلاق ضرتها أو أن لا يتسرى، أو أن لا يتزوج عليها، أو أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو أن لا يفرق بينها وبين أولادها أو أبويها أو أن ترضع ولدها الصغير أو شرطت نقداً معيناً تأخذ منه مهرها، أو شرطت زيادة في مهرها، صح الشرط، وكان لازماً، فليس للزوج فكُّهُ بدون إبانتها ويسن وفاؤه به، فإن خالفه فلها الفسخ على التراخي. انتهى.
والله أعلم.