الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي وفقك لمحاسبة نفسك، والنظر في أسباب هذا البلاء الذي نزل بك واستصحاب ما كان منك من تفريط في جنب الله أثناء فترة الخطوبة، وملاحظة ذلك بعين الندم والتوبة، فقد قال سبحانه: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى : 30}
وأبشري بقبول توبتك إن أنت صدقت فيها مع ربك, فإن العبد إذا اعترف بخطئه وتاب إلى ربه فإن الله يتوب عليه, قال سبحانه: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء: 110}
وننصحك بالصبر على أذى أخوالك وعلى معاملتهم الفظة الغليظة فهم من أرحامك والواصلون لأرحامهم الصابرون على أذاهم لهم عند ربهم أجرهم ونورهم, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
وفي صحيح مسلم: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
وعليه.. فابحثي عن عمل يمكنك ممارسته وأنت منتقبة فلن تعدمي ذلك، فكثير من المدارس الإسلامية للأطفال والفتيات، وكثير من دور تحفيظ القرآن الكريم أكثر العاملات فيها من المنتقبات.
ولكن إن لم يتيسر لك هذا بعد البحث والتحري فيجوز لك خلع النقاب لممارسة عمل ما تتحقق فيه الضوابط الشرعية الأخرى, ويعتبر هذا من باب الضرورة، لأن حالتك التي تذكرين لا شك أنها وصلت حد الضرورة التي تبيح فعل المحذور، ما دام أخوالك لا يرغبون بالنفقة عليك، وليس لك مصدر رزق، وهذا على مذهب الجمهور الذين لا يوجبون على أخوالك أن ينفقوا عليك. وأما على مذهب من يوجبون عليهم النفقة كالحنفية فإنه لا حرج عليك في أن تأخذي منهم النفقة اللازمة لك وليس في ذلك غضاضة عليك.
هذا، ونوصيك باستمرار البحث وأنت في هذا العمل عن عمل آخر يتيح لك الالتزام بالنقاب.
والله أعلم.