الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الصدقة على المحتاج من أفضل ما يتقرب به إلى الله، فقد قال تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {البقرة:261}، وقد وعد الله المنفق بأن يخلف عليه ما أنفق، فقال: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ:39}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً. رواه البخاري ومسلم.
ومحل فضل التقرب إلى الله بها ما لم تتعارض مع واجب كالنفقة على من تلزمه نفقته، وكالدين الحال أو المؤجل الذي ليس له وفاء عند حلوله بحيث لا يمكن الجمع بين تحقيق الواجب وإخراج الصدقة.. وبناء على هذا نقول لك: إن نفقة أبويك إذا وصلا لدرجة الاحتياج واجبة، وهي مقدمة على قضاء الدين إذا لم يمكن الجمع بينهما، كما في الفتوى رقم: 61265.
وإن لم يصلا إلى درجة الاحتياج، ولكن قريب من ذلك ومساعدتهما بالمال فيها توسعة عليهم، فالصدقة عليهما أولى من غيرهما ممن هو في نفس مستواهما المادي، وإن كنت لا تقدر على الجمع بين الصدقة عليهما إذا كان غير محتاجين أو على غيرهما وبين قضاء الدين، فقدم قضاء الدين لأن قضاء الدين واجب، والصدقة مستحبة، والواجب مقدم على المستحب، فقد قال الله تعالى في الحديث الرباني: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه. رواه البخاري. وللأهمية راجع في ذلك الفتوى رقم: 54295.
والله أعلم.