الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن شروط التوبة: العزم على عدم العود إلى الذنب، والعزم عملٌ قلبيٌّ، وهو ما عقد عليه قلبك. اهـ بتصرف من لسان العرب، وقال ابن حجر في فتح الباري: العزم هو الميل إلى الشيء والتصميم عليه. اهـ بتصرف يسير.
ولهذا فالسائل الكريم يكفيه أن يكون في قلبه اختيار وإيثار لترك المعصية لو قُدِّر أن الزمان عاد به، أو عرض له في المستقبل شيء من ذلك. فيكفيه أن يعزم على ترك المنهي عنه في حال القدرة عليه.
والتوبة قد عرَّفها بعض المحققين ـ كما قال القرطبي في المفهم ـ فقال: هي اختيار ترك ذنب سبق حقيقة أو تقديرا لأجل الله. فهذا التعريف يدخل فيه من زنى مثلا ثم جُبَّ ذَكَرُه، فإنه لا يتأتى منه غير الندم على ما مضى، وأما العزم على عدم العود فلا يتصور منه.
فاستقم أخي الكريم وأبشر برحمة الله الواسعة، قال تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء:110}، وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. وقال صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ. رواه مسلم.
ثم نوصيك ـ أيها السائل الكريم ـ بكثرة الاستغفار والاجتهاد في الطاعات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، كما قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود: 114}.
ويمكنك لمزيد الفائدة مراجعة الفتوى رقم: 6796.
والله أعلم.