الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالربانية هي الاعتصام بالكتاب والسنة, وقد تقدم تعريف الرباني وأقوال العلماء فيه في الفتوى رقم: 70088.
وللربانية آثار كثيرة في تلاوة التالي للقرآن الحكيم, ومن هذه الآثار:
1- أن يقصد بقراءته وجه الله تعالى والتقرب إليه، فالعمل إذا دخله الرياء أو السمعة .. فلا قيمة له بل ربما أصبح وبالاً على صاحبه, قال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ {البينة:5}.
2- الطهارة الظاهرة والباطنة، فيطهر ظاهره من الحدث والخبث، وباطنه من الذنوب والمعاصي, قال - صلى الله عليه وسلم- : الطهور شطر الإيمان. رواه مسلم وغيره.
قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين: الطهور شطر الإيمان: يشمل طهور الماء, التيمم, وطهارة القلب من الشرك والشك والغل والحقد على المسلمين وغير ذلك مما يجب التطهر منه فهو يشمل الطهارة الحسية والمعنوية، شطر الإيمان: نصفه، والنصف الثاني هو التحلي بالأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة لأن كل شيء لا يتم إلا بتنقيته من الشوائب وتكميله بالفضائل، فالتكميل بالفضائل نصف، والتنقية من الرذائل نصف آخر، ولهذا قال: الطهور شطر الإيمان، وأما شطره الثاني فهو التكميل بالأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة. انتهى.
وقال النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن: وليحذر كل الحذر من أمراض القلوب كالحسد، والعجب، والرياء، واحتقار الناس والارتفاع عليهم، وإن كانوا دونه، وعليه أن لا يرى نفسهُ خيراً من أحد. انتهى.
3- تدبر معاني آيات القرآن الكريم, قال سبحانه: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ {ص:29}.
قال الحسن البصريُّ رحمه الله: إن من كَان قبلكم رأوا القُرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، وينفذونها بالنهار.
4- العمل بأوامر القرآن, واجتناب نواهيه, جاء في عون المعبود قال بعض العلماء: إن من عمل بالقرآن فكأنه يقرؤه دائما وإن لم يقرأه ، ومن لم يعمل بالقرآن فكأنه لم يقرأه وإن قرأه دائما، وقد قال الله تعالى: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب. فمجرد التلاوة والحفظ لا يعتبر اعتبارا تترتب عليه المراتب العلية في الجنة العالية. انتهى.
5- أن يلتزم الخشوع والخضوع أثناء القراءة بل وفي شؤونه كلها، جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ينبغي لحامل القُرآن أن يُعرف بليلهِ إذا النَّاس نائمون، وبنهاره إذا النَّاس مفطرون، وبحزنه إذا النَّاس يفرحون، وببكائهِ إذا النَّاس يضحكون، وبصمتهِ إذا النَّاس يخوضون، وبخشوعه إذا النَّاس يختالون .
وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: حامل القُرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو تعظيماً لحق القرآن.
6- أنه لا ينبغي له أن يقطع التلاوة لشيء من أمور الدنيا إلا إذا كان ذلك ضرورياً.
ومن أراد الزيادة فعليه بكتاب: التبيان في آداب حملة القرآن للنووي رحمه الله.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24437، 19297، 9154.
والله أعلم.