الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاستجمار هو استعمال الحجارة وما في معناها كالخشب والورق، ومنه في عصرنا المناديل الورقية لإزالة الخارج من السبيلين، وانظري الفتوى: 32839 .
والاستجمارُ جائزٌ بالإجماع، ويجوز مع وجود الماء، وشرطه ألا تتجاوز النجاسة المحل المعتاد، ولا يجزئ على الصحيح الاستجمارُ بأقل من ثلاثة أحجار، أو ثلاث مسحاتٍ مما في معناها، فإن أنقى بما دون الثلاث وجب عليه تكميل الثلاث مسحات، وإن لم ينق بالثلاث وجبَ عليه التكميلُ حتى يُنقيَ المحل، ويُستحبُ له أن يقطع على وتر، ودلائلُ ما ذكرناه مبسوطة في كتب السنة، ونحنُ نسوقُ بعض الأحاديث التي تدلُ على بعض ما ذكرناه.
فعن عائشة رضي اللَّه عنها: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ عنه. رواه أحمد والنسائي وأبو داود والدارقطني وقال: إسناده صحيح حسن.
وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: قيل لسلمان علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة فقال سلمان: أجل نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وأن نستنجي باليمين، أو يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن يستنجي برجيع أو بعظم. رواه مسلم وأبو داود والترمذي.
وعن جابر: أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثًا. رواه أحمد.
وعن أبي هريرة: عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: من استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه قال: أتى النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجد فأخذت روثة، فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: هذه ركس. رواه أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وزاد فيه أحمد في رواية له: ائتني بحجر.
ومشروعية الاستجمار من مظاهر رحمة الله بعباده، ومن معالم هذه الحنيفية السمحة، وأما الأثر اليسير الذي يبقى في المحل والذي لا يزيله إلا الماء فإنه يُعفى عنه.
وننبهكِ إلى أن التيمم لا يجوزُ مع القدرة على استعمال الماء، ولو بتسخينه، وكل صلاةٍ صليتها بالتيمم مع قدرتكِ على استعمال الماء فإنه يلزمكِ إعادتها عند الجمهور، فإذا كان استعمال الماء يضرُ بكِ ولا تقدرين على استعماله ولو بالتسخين فإنه يجوزُ لكِ التيمم والحالُ هذه. وانظري الفتوى رقم: 77526 ، ورقم 77579 ، وأما الجمعُ بين الصلاتين لأجل المرض فلا يجيزه الجمهور، خلافاً لأحمد رحمه الله.
والله أعلم.