الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن نصوص الوحي من القرآن والسنة دلت على أن التسوية بين الخالق والمخلوق في المحبة شرك أكبر مخرج من الملة، فمن أحب غير الله محبة عبودية أي محبة تستلزم كمال الذل وكمال الخضوع فقد أشرك مع الله غيره. فقد قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ .. {البقرة، 165}. وإن كانت هذه الآية في الأصنام وأهل الشرك - كما قال أهل التفسير- لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معلوم عند أهل العلم.
وأخبر سبحانه عن أهل النار أنهم يقولون يوم القيامة: تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ {الشعراء:97ـ 98}.
وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يراجعه الكلام فقال: ما شاء الله وشئت. فقال: جعلتني لله عدلا، ما شاء الله وحده. رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط . وفي رواية: أجعلتني لله ندا.
قال العلماء: لقد بعث الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتحقيق التوحيد الخالص وتجريده ونفي الشرك بكل وجه حتى في الألفاظ، كقوله صلى الله عليه وسلم: لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء محمد بل ما شاء الله ثم شاء محمد. وقال له رجل ما شاء الله وشئت. فقال: أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده.
وحذر- صلى الله عليه وسلم- من إطرائه والغلو فيه فقال: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله. رواه البخاري وغيره.
ولا شك أن محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم فرض من فرائض الإسلام وشرط من شروط الإيمان؛ كما قال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ {البقرة:165}، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون عنده أحب إليه من نفسه.. الحديث رواه أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط.
ولكن لا يجوز أن تكون محبة المخلوق وتعظيمه كائنا من كان مساوية لمحبة الخالق سبحانه وتعالى وتعظيمه.
وعلى المسلم أن يتبع نهج النبي- صلى الله عليه وسلم- السلف الصالح ويحذرمن الإفراط والتفريط اللذين هما من أخطر أسباب الهلاك.
هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة عن الشرك وأنواعه في الفتوى: 7386 .
والله أعلم.