الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد قال أهل التفسير: إن الاستفهام في الآية الكريمة هو بمعنى التقرير للمنافقين الذين وردت الآية في سياق الحديث عنهم من قوله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا {النساء:145} والمعنى: أيّ منفعة لله تعالى في عذابكم إن شكرتم وآمنتم، فنبه تعالى على أنه لا يعذب الشاكر المؤمن، وأن تعذيبه عباده لا يزيد في ملكه، وتركه عقوبتهم على فعلهم لا ينقص من سلطانه. ثم إن الابتلاء يكون للناس كلهم بما فيهم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون والطالحون.. ويكون بالخير تارة وبالشر أخرى، كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35} والابتلاء المذكور في الحديث يكون في الدنيا بخلاف العذاب المذكور في الآية، فالمراد به عذاب الآخرة، وبهذا يتضح لك معنى الآية ومعنى الأحاديث التي أشرت إليها وهي صحيحة، وأنه لا تعارض بينها، وأن البلاء يكون اختبارا للمؤمنين الشاكرين الصابرين زيادة في أجورهم ورفعا لدرجاتهم. كما يوضحه قول النبي- صلى الله عليه وسلم- : عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له. رواه مسلم . وأما تأخير الزواج وتقدمه وكل ما يقع في هذه الحياة من خير وشر فهو بقضاء الله تعالى وقدره، كما قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ{القمر:49} وهو من الابتلاء والاختبار.. وكما أشرنا فإن الابتلاء في هذه الحياة يكون بالخير وبالشر. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتويين : 108364، 96427. والله أعلم.