الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجب على المسلم إذا ضرب مثلاً لشيء أن يقول عند ذلك: ولله المثل الأعلى، ولكنه إذا قارن مثلاً لمخلوق بمثل لله تعالى، فينبغي أن يقول ذلك تعظيماً لله تعالى وتنزيهاً له عن صفات المخلوقين، كما في قول الله تعالى في شأن الكفار الذين ينسبون لله تعالى ما يكرهون من البنات وهم لا يحبونهم ولا يرضونهم لأنفسهم: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ * لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {النحل:58-59-60}.
أي للذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يعملون لها، الصفة القبيحة من العجز والحاجة والجهل والكفر، ولله الصفات العليا من الكمال والاستغناء عن خلقه، وهو العزيز في ملكه الحكيم في تدبيره.
ولم يزل أهل العلم يستخدمون هذه العبارة من غير نكير نعلمه، كما جاء في فتح الباري في توجيه الأثر المروي عن ابن عباس وغيره: الركن - يعني الحجر الأسود - يمين الله في الأرض. يقول الحافظ ابن حجر: وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مَلِكٍ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِ الْوَافِدُ قَبَّلَ يَمِينَهُ فَلَمَّا كَانَ الْحَاجُّ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ يُسَنُّ لَهُ تَقْبِيلُهُ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ يَمِينِ الْمَلِكِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى. انتهى.
وقال أهل التفسير: المثل الأعلى معناه الصفة العليا وهي لا إله إلا الله، وضرب المثل هو تشبيه شيء بشيء أو حال بحال، والمثل الأعلى هو الوصف الأعلى الذي لا يتصل به تكييف ولا يتماثل مع شيء.
واللام في (ولله المثل الأعلى) للاستحقاق. وأما اللام في "لله ملك السموات والأرض" فهي للملك.
والله أعلم.