الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحياة الزوجية تقوم أساساً على المودة والرحمة، والتغاضي عن الهفوات التي يتوقع صدروها من الطرفين دون إخلال بمقاصد الحياة الزوجية أو قواعد الشريعة الإسلامية، وإن بين الزوجين حقوقاً مترتبة على الميثاق الغليظ الذي هو عقد النكاح، يجب على كل من الزوجين الوفاء بها، والعمل على توفيتها لأن كل واحدٍ منهما مسئول عنها يوم القيامة، وقد أخطأ والد زوجك عندما قام بإهانتك وانتقاصك, وكان على زوجك أن يكف عنك أذى والده ويمنعه بالرفق واللين من إهانتك والإساءة إليك, لا أن يعينه على ذلك ويوافقه, فهذا ينافي العشرة بالمعروف التي أمر الله تعالى بها.
أما بالنسبة للنفقة عليك وعلى البيت فهذا من أوجب الواجبات على الزوج, ولا يجوز له أن يقصر في شيء من ذلك, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.
وأما بالنسبة لمقدار هذه النفقة فإنها على الراجح تقدر بحال الزوجين, قال ابن قدامة رحمه الله: قال أصحابنا: ونفقتها معتبرة بحال الزوجين جميعا؛ فإن كانا موسرين، فعليه لها نفقة الموسرين، وإن كانا معسرين، فعليه نفقة المعسرين، وإن كانا متوسطين، فلها عليه نفقة المتوسطين، وإن كان أحدهما موسرا، والآخر معسرا، فعليه نفقة المتوسطين، أيهما كان الموسر. انتهى .
فلا يجوز للزوج أن يقتر على زوجته، ولا أن يمنعها ما وجب لها من النفقة، فيضطرها إلى أن تلجأ إلى أهلها أو غيرهم في ذلك, فإن فعل فإن لها أن تطالبه بحقها في النفقة, فإن لم يستجب وقدرت له على مال أخذت منه ما يكفيها بالمعروف, قال ابن قدامة: مسألة: قال: فإن منعها ما يجب لها ، أو بعضه ، وقدرت له على مال ، أخذت منه مقدار حاجتها بالمعروف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند حين قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح ، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي. فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.انتهى.
أما بالنسبة لما يفعله زوجك من بعض المعاصي والمخالفات كالتهاون في صلاة الجماعة, ومشاهدة الأفلام الإباحية, وغير ذلك فعليك بنصحه في ذلك باللين والحكمة, وبالتصريح تارة والتلميح تارة أخرى دون أن تظهري وصاية منك عليه ولا مراقبة وترصدا لتصرفاته, لأن ذلك مما يصده عن قبول النصيحة والانتفاع بها.
وأما بالنسبة لما يطالبونك به من خدمة أخيه، فإن هذا لا يجب عليك، بل ولا يجب عليك خدمة أبيه ولا أمه، ولكن إن فعلت ذلك متبرعة وطابت نفسك به فستؤجرين على ذلك بإذن الله.
وكذا لا يجوز لزوجك أن يجبرك على السكن مع أخيه ولا مع غيره كأمه وأبيه، لأن الشريعة المباركة قد كفلت للمرأة على زوجها حق السكن المستقل, قال خليل بن إسحاق: ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه. قال شارحه عليه: لتضررها باطلاعهم على أحوالها وما تريد ستره عنهم وإن لم يثبت إضرارهم بها.
فإن استقام زوجك على أمر الله ووفاك حقوقك فاحمدي ربك على ذلك، وإن كانت الأخرى وحصل لك من ذلك ضرر فيمكنك حينئذ طلب الطلاق.
وللفائدة تراجع الفتاوى الآتية أرقامها: 31818، 68642، 112460، 112804، 114219.
والله أعلم.