الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمظلوم له مع ظالمه ثلاثة خيارات:
الأول: أن يعفو ويصفح، لينال أجر المتقين الصابرين ومعية الله وعونه.
والثاني: الإمساك عن العفو والصفح ليلقى المذنب ربه بما اقترف من الإثم.
والثالث: المقاصة ومقابلة السيئة بمثلها دون تجاوز إن كان الحق مما تصح المقاصة فيه، ولا شك أن المقام الأول هو أعلى المقامات وأفضل الخيارات، لما جاء فيه من الأجر والثواب الذي سبق بيانه في الفتوى رقم: 54580.
وبهذا يتبين أن العفو والصفح لا يكون فقط مع من يستحق ذلك ممن أقر بخطئه وتاب إلى الله منه، واعتذر لصاحب الحق واستعفاه، بل حتى الظالم الذي لم يكن منه شيء من ذلك يستحب العفو عنه، لا لكونه أهلاً لذلك، وإنما لينال المظلوم ثواب الله ورضاه، فهي في حقيقة الأمر معاملة مع الله تعالى القائل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ {المؤمنون:96}، فمن نظر في هذه المعاني سهل عليه أن يصفح ويعفو عمن ظلمه وأساء إليه ولو كثر ذلك منه، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 114087، وللمزيد من الفائدة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 18380، والفتوى رقم: 29786.
والله أعلم.