الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان أخوك أحد الأصناف الثمانية الذين تجوز لهم الزكاة جاز لك دفع الزكاة إليه، وقد ذكر الله تعالى هذه الأصناف في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}، فإذا كان أخوك لا يجدُ ما يكفيه لحاجاته الأصلية من مطعم ومشرب وملبس ودواء هو ومن تلزمه نفقتهم فلك أن تعطيه من الزكاة.. بل ذلك مستحب، وممن تصرف لهم الزكاة طالب العلم بالشروط التي بيناها في الفتوى رقم: 58739 فلتراجع.
وأما إذا كان يجد كفايته ولو بنفقة من يلزمه أن ينفق عليه فلا يجوز لك إعطاؤه من الزكاة، لأنه والحال هذه غني والصدقة لا تحل لغني، فإذا كان أبناؤه العاملون يجدون ما ينفقونه عليه بعد كفايتهم فإن نفقته واجبة عليهم فلا يعطى من الزكاة ما ينفقه على نفسه، أما نفقة أبنائه الكبار فإنها لا تلزمه ولا تلزم أبناءه العاملين ومن ثم يجوز إعطاؤهم من الزكاة بالشرط الذي ذكرناه في الفتوى المحال عليها... وإذا كان هذا الأخ يستوفي هذه الأجرة ويأخذ بعض حقك على جهة الدين، وتريدين إسقاط الدين عنه من الزكاة فهذا لا يجوز وإن كان ممن يستحق الزكاة، وقد نقل شيخ الإسلام الاتفاق على ذلك، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 9918.
وإذا كان أخوك يأخذ هذا المال غصباً فلا يجوز لك أن تحسبي ما يأخذه من الزكاة سواء كان مستحقاً للزكاة أو لا، لأن المال المغصوب في معنى الدين عند عامة العلماء وقد سبق أن إسقاط الدين لا يجزئ عن الزكاة، بل يجب عليك أن تزكيه إذا قبضته منه لما مضى من السنين عند الجمهور ولسنةٍ واحدة عند مالك، قال شيخ الإسلام رحمه الله: قال مالك: ليس فيه زكاة حتى يقبضه فيزكيه لعام واحد كذلك الدين عنده لا يزكيه حتى يقبضه زكاة واحدة وقول مالك: يروى عن الحسن وعطاء وعمر بن عبد العزيز، وقيل: يزكي كل عام إذا قبضه زكاة عما مضى وللشافعي قولان.
والله أعلم.