الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فعله هؤلاء المأمومون من تركهم متابعة الإمام وإصرارهم على التسبيح به حتى لبسوا عليه صلاته غلط ظاهر، فقد كان الواجب عليهم أن يتابعوه حين قام عن التشهد الأول، فإن العلماء اتفقوا على أن الإمام إذا قام عن التشهد الأول وشرع في القراءة حرم عليه الرجوع إلى التشهد، والصحيح أنه إن استتم قائماً لم يجز له الرجوع، وإن لم يشرع في القراءة ووجب عليهم أن يتابعوه، وانظر لذلك الفتوى رقم: 13516، والفتوى رقم: 16546.
وأما صلاتهم فصحيحة لجهلهم بالحكم، وقد قال الله عز وجل: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5}، وأما الإمام فقد فعل ما هو الواجب عليه، فإنه لم يقعد إلا لظنه أنها الثالثة، فلما تيقن أنها الثانية قام فأتى بالركعة التي بقيت عليه وهذا هو الواجب عليه، وقد سجد للسهو لأجل تركه التشهد الأول وزيادته جلوساً وسلاماً.. ولكن كانت السنة في حقه أن يسجد قبل السلام لأن المشروع لمن ترك التشهد الأول هو السجود قبل السلام، كما دل له حديث عبد الله بن بحينة الثابت في الصحيحين، والسجود بعد السلام جائز، فإن الخلاف في موضع السجود إنما هو في الاستحباب والأفضلية.
والله أعلم.