الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله أن هداك للحق، وعلمك ما كنت تجهلين، وشكر الله لك حرصك على الخير وتعظيمك لأمر الدين، ونسأله أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، واعلمي أن رحمة الله وسعت كل شيء، وأنه تعالى لا يضيع أجر المحسنين، فلن يذهب سعيك سدى، ولن تضيع طاعتك هباء منثوراً، فقد قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا {الكهف:30}.
وأما بالنسبة لممارستك هذه العادة الذميمة فلا إثم عليك لأنك كنت تجهلين، وأما بالنسبة للأيام التي فعلت فيها هذا الفعل القبيح في رمضان، وكذا الصلوات التي صليتها فإذا كنت غير متيقنة من خروج المني منك فلا شيء عليك، لا قضاء الصوم ولا قضاء الصلاة، لأن الشك في خروج المني لا يوجب حكماً إذ الأصل عدمه.
وأما إذا تيقنت من خروج المني فقد بينا في الفتوى رقم: 108903 أن من فعل ما يفطر به فلا قضاء عليه إذا كان جاهلاً جهلاً يعذر بمثله، والظاهر أن جهلك بهذا الأمر مما تعذرين به، وقد قال الله عز وجل: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5}، وقال تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286}، وقال الله جوابها (فعلت) أخرجه مسلم. ولو احتطت فقضيت تلك الأيام لكان أحسن.
وأما بالنسبة للصلاة فجمهور العلماء يرون وجوب قضاء الصلاة إن صليت بغير طهارة، سواء بقي وقتها أم لا وهذا القول أحوط، ويرى شيخ الإسلام أن من ترك شرطاً أو ركناً من شروط الصلاة وأركانها جهلاً فلا شيء عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المسيء بقضاء ما فات من الصلاة مع جهله بكيفيتها الصحيحة، ولم يأمر المستحاضة بقضاء ما فاتها من صلوات حيث كانت تظن ذك حيضاً في نظائر متعددة، وعلى القول بلزوم القضاء إذا تيقنت أن ما خرج منك مني ولم تغتسلي منه أو مذي ولم تتوضئي منه، فعليك حساب ما فاتك من صلوات، فإن عجزت فتحري واعملي بما يغلب على ظنك، واجتهدي في قضاء تلك الصلوات حسب الطاقة حتى يحصل لك غلبة ظن ببراءة ذمتك، وانظري لذلك الفتوى رقم: 8810.
والله أعلم.