الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالفصل بين الرجال والنساء أمر حسن موافق لمقاصد الشرع، فإن الشرع المطهر يتشوف إلى تقليل الاختلاط بين الرجال والنساء وجعله في أضيق نطاق، فعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو تركنا هذا الباب للنساء، قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي عون المعبود: لو تركنا هذا الباب: أي باب المسجد الذي أشار النبي صلى الله عليه وسلم للنساء، لكان خيراً وأحسن، لئلا تختلط النساء بالرجال في الدخول والخروج من المسجد، والحديث فيه دليل أن النساء لا يختلطن في المساجد مع الرجال، بل يعتزلن في جانب المسجد ويصلين هناك بالاقتداء مع الإمام، فكان عبد الله ابن عمر أشد اتباعاً للسنة، فلم يدخل من الباب الذي جعل للنساء حتى مات. انتهى.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث يسيراً قبل أن يقوم.
قال ابن شهاب وهو الزهري: فأرى -والله أعلم- أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم. رواه البخاري.
قال السندي رحمه الله في بيان سبب مكثه صلى الله عليه وسلم بعد السلام: أي: ليتبعه الرجال في ذلك، حتى تنصرف النساء إلى البيوت، فلا يحصل اجتماع الطائفتين في الطريق. حاشية سنن ابن ماجه.. والأحاديث في الباب كثيرة.
ولذلك ينبغي أن يكون الرجال في جهة ويكون النساء في جهة أخرى لا يختلط أحدهما بالآخر، وأن تكون النساء مستترات بالستر الشرعي، وأن يغض كل فريق طرفه، كما أن الكلام في المسجد إذا كان برفع الصوت وكان فيه تشويش على المصلين والتالين فإنه يكره وقد يصل إلى حد الحرمة.
قال الإمام النووي رحمه الله: تكره الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه ونشد الضالة. ويؤيد هذا ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثلاثاً، وإياكم وهيشات الأسواق. قال النووي: أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن. انتهى.
والله أعلم.