الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأخ السائل ارتكب أكثر من ذنب كالاقتراض بالربا دون ضرورة ملجئة ومسألة أن والده كان سيسجنه أمر قد يحدث وقد لا يحدث، فهو لم يشتك عليه بعد ولو فرض أن هذا حصل وكان مصير السائل السجن لا محالة لأمكن القول بجواز الاقتراض بقدر المبلغ المطالب به، لأن الضرورة تقدر بقدرها، ولكن السائل تعدى الضرورة المفترضة، والله تعالى يقول: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة:173}، والسائل على فرض الضرورة باغ ومعتد.
وليعلم السائل أن ضمان رأس مال والده الذي ضارب به حرام شرعاً؛ لأنه يصير في حكم الربا أيضاً، ومن الذنوب التي ارتكبها التزوير والكذب ودفع رشوة للمحامي في سبيل ذلك ثم ذنب كبير أيضاً وهو الاقتراض بالربا مرة ثانية وبمبلغ أكبر وهكذا فالذنب يجر إلى ذنب آخر.. وعلى كل حال لا يأس من روح الله تعالى ولا قنوط من رحمته، فباب التوبة واسع، ورحمة الله وسعت كل شيء، فهل تضيق عن الأخ السائل إن تاب وصدق في توبته؟ وصدق التوبة يحصل بأمور؛ أولها: الإقلاع عن الذنب، وثانيها: الندم على ما فات، وثالثها: العزم على عدم العود إلى الذنب.. فإذا وجدت منك هذه الشروط فأبشر فالتائب حبيب الله، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة:222}، وأن تكثر من فعل الخير ونفع المسلمين، ولا يلزمك التخلص من ثروتك التي جنيتها من القرض الربوي وحسبك التوبة كما مر بيانه.
والله أعلم.