الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن لبس الحرير حرام على ذكور هذه الأمة على لسان نبيها صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم عن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم. وصححه غير واحد من أهل العلم. قال الترمذي في سننه: وفي الباب عن عمر وعلي وعقبة بن عامر وأنس وحذيفة وأم هانئ وعبد الله بن عمرو وعمران بن حصين وعبد الله بن الزبير وجابر أبي ريحان وابن عمر وواثلة بن الأسقع.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ومن الحرام لبس الحرير والذهب مثلاً بالنسبة للرجال ولو بحائل بينه وبين بدنه، ما لم يدع إلى لبسه ضرورة، أو مرض كحكة به فيلبس الحرير لذلك، لما روي عن علي رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حريراً فجعله في يمينه، وذهباً فجعله في شماله، فقال: إن هذين حرام على ذكور أمتي. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم. وهذا ما عليه عامة الفقهاء.
وأما الحديث المذكور فحديث صحيح رواه البخاري ولكن أهل العلم أجابوا عنه بعدة إجابات؛ منها: أن ذلك كان قبل التحريم... قال الحافظ في الفتح: فخرج وعليه قباء من ديباج مزرر بالذهب: هذا يحتمل أن يكون وقع قبل التحريم، فلما وقع تحريم الحرير والذهب على الرجال لم يبق في هذا حجة لمن يبيح شيئاً من ذلك، ويحتمل أن يكون بعد التحريم فيكون أعطاه لينتفع به بأن يكسوه النساء أو ليبيعه كما وقع لغيره، ويكون معنى قوله فخرج وعليه قباء أي على يده فيكون من إطلاق الكل على البعض. اهـ
وعلى هذا فالحديث لا حجة فيه لمن قال بالإباحة أو الكراهة، لأن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، ولاتفاق أهل العلم على التحريم كما حكاه غير واحد من أهل العلم، والأخذ بالأحاديث الصريحة الصحيحة المشار إليها.
وأما ما ذكر عن الشوكاني فإن كان يقصد أن الشوكاني يقول بإباحة لبس الحرير للرجال فهذا غلط عليه رحمه الله فإنه مصرح بحرمة ذلك، وأجاب عن الأحاديث التي قد توهم خلافه، وحكى الإجماع على التحريم كما في نيل الأوطار، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 26909، والفتوى رقم: 75817.
والله أعلم.