الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، فإنه كانت فيهم الأعاجيب. رواه أحمد ووكيع كلاهما في الزهد، وابن أبي شيبه وعبد بن حميد. وصححه الألباني.. قال السخاوي: هو خاص بما وقع فيهم من الحوادث والأخبار المحكية عنهم، لما في ذلك من العبرة والعظة، بدليل قوله: فإنه كانت فيهم الأعاجيب، وما أحسن قول بعض أئمتنا: هذا دال على سماعه للفرجة لا للحجة. فتح المغيث.
وبهذا الحديث استدل بعض أهل العلم على حل سماع الأعاجيب والفرائد من كل ما لا يتيقن كذبه بقصد الفرجة -يعني تسلية النفس وإزالة همها- وكذلك ما يتيقن عدم وجود له في الواقع لكن قصد به ضرب الأمثال والمواعظ وتعليم الفضائل كالشجاعة والكرم ونحو ذلك، سواء كان على ألسنة آدميين أو حيوانات، إذا كان لا يخفى ذلك على من يطالعها، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 13278، والفتوى رقم: 22601.
ويمكن أن يلحق بذلك القصص المنسوب للجن، فلا شك أن فيهم الأعاجيب، فعن عائشة قالت: حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ذات ليلة حديثا فقالت امرأة منهن: يا رسول الله كان الحديث حديث خرافة! فقال: أتدرون ما خرافة؟ إن خرافة كان رجلاً من عذرة أسرته الجن في الجاهلية، فمكث فيهن دهراً طويلاً ثم ردوه إلى الإنس، فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب، فقال الناس: حديث خرافة. رواه أحمد والترمذي في الشمائل وأبو يعلى والبزار وضعفه الألباني.. ومع ذلك فالأفضل بلا شك أن يضن المسلم بوقته، ويتوجه بجهده إلى ما ينفعه في دنياه وآخرته، وأن يتجنب ما يعرف كذبه، ويتحرى الصدق ما أمكنه سماعه كما يتحراه مقالاً، وراجع للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 25473.
والله أعلم.