الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا أثر للمعاصي في نقض الوضوء، لأن القول بنقض الوضوء يحتاج إلى دليل، ولا دليل على أن المعصية تؤثر في الوضوء، نعم جاء عن بعض السلف الأمر بالوضوء من بعض المعاصي، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب، ولا يتوضأ من الكلمة الخبيثة يقولها؟. وكذا عن ابن عباس رضي الله عنهما: الحدث حدثان: حدث في فيك، وحدث من نومك، وحدث الفم أشد: الكذب والغيبة. وكلاهما في الشعب للبيهقي. لكن هذا محمول على إرادة التغليظ على مرتكب هذه الذنوب، وقد ذهب بعض العلماء إلى استحباب الوضوء من ارتكاب المعصية وكأنه نزوع منه إلى العمل بهذه الآثار أو لكون الوضوء يكفر الذنب؛ لما ورد في الحديث الصحيح.
جاء في الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية: ويستحب الوضوء عقيب الذنب. وقال ابن قدامة في بيان المسألة ودليلها: قال ابن المنذر: أجمع من نحفظ قوله من علماء الأمصار على أن القذف وقول الزور والكذب والغيبة لا توجب طهارة، ولا تنقض وضوءاً. وقد روينا عن غير واحد من الأوائل أنهم أمروا بالوضوء من الكلام الخبيث، وذلك استحباب عندنا ممن أمر به، ولا نعلم حجة توجب وضوءاً في شيء من الكلام، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله علي وسلم قال: من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ولم يأمر في ذلك بوضوء. انتهى.
وأما لمس النجاسة فليس من نواقض الوضوء، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: ولا ينتقض الوضوء بلمس الدم أو البول، لكن إذا مس العورة انتقض وضوؤه قبلا كانت أو دبراً، أما مس الدم أو البول أو غيرهما من النجاسات فلا ينقض الوضوء ولكن يغسل ما أصابه.. إلخ. انتهى من مجموع فتاوى ابن باز.
والله أعلم.