الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاستمناءُ والذي يُسمى عند الناس بالعادة السرية محرمٌ بلا شك، وقد بينا ذلكَ في فتاوى كثيرة وانظر الفتوى رقم: 7170.
فإذا علم المسلم الذي يتقي ربه ويخافُ عقابه أن هذا الفعل يُسخط ربه تعالى فإنه لن يُقدم على فعله، لأن ذلك يجرُ عليه الوبال في الدنيا والآخرة، وفضل ترك الاستمناء هو الفضلُ المترتب على التوبة من الذنوب، والإقلاعِ عنها طلباً لمرضاةِ علام الغيوب.
فقد وعد الله عز وجل التائبين بالخيرِ الوفير والرزق الكثير والفلاحِ في الدنيا والآخرة، قال تعالى: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ {هود: 52 }، وقال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور 31 }، والمعاصي هي سبب الشرور التي تصيبُ العباد والبلايا التي تَحلُ بهم فمن أراد أن يدفع عن نفسه هذا البلاء والشر فلينزع عما هو مقيم عليه من مخالفة أوامر ربه عز وجل، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى 30 }.
وقال أمير المؤمنين عليٌ رضي الله عنه :ما نزل بلاءٌ إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة، فعلى المسلم أن يتوبَ من جميع الذنوب وليعلم أن التوبة لا تُعقب إلا خيرا وسيعوضه الله عز وجل عن هذه اللذة المحرمة التي كان يحصلها عوضاً عظيماً لا يُقدر قدره، وحسبك ما يجده في قلبه من اللذة الناشئة عن قهره لنفسه وغلبته لشيطانه، وله من العوض الحسي من اللذات العاجلة المباحة ما يحصل له به الكفاية عن هذا المحرم، وأما ما ينتظره في الآخرة فلا يخطر بالبال ولا يدورُ بالخيال، وحسبك شاهداً على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه. صححه الألباني.
وأما عن فضيلة ترك الاستمناء لخصوصه فلا نعلم حديثا يدل على ذلك، لكن قد دل قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {المؤمنون: 5-7}. على أن ترك الاستمناء من حفظ الفرج، وقد رتب الشرع الشريف علي حفظ الفروج ثواباً عظيماً، ويكفي في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ،من يضمن لي ما بين لحييه (فكيه)، وما بين رجليه، أضمن له الجنة. أخرجه البخاري.
فنسأل الله أن يمن علينا وعليكم بالتوبة النصوح.