الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليسَ على من شك في خروجِ المني منه غسل، لأن الأصلَ عدمُ خروجه، وليسَ على من شك في دخول الماء إلى جوفه قضاءٌ ولا كفارة، لأن الأصلَ عدمُ دخوله، وأما أنتَ فمصابٌ بالوسوسة كما ذكرت، ولكنك أخطأت طريق العلاج فقد أردت علاجها بالتمادي فيها والاسترسال معها، وكان من الطبيعي أن تأتي النتيجة العكسية المتوقعة، فزادَ البلاء وتضاعف، وبدلاً من الوسوسة في الغسل صرت توسوس فيه وفي صحة الصوم، وهكذا الوسوسة تجرُ من استرسل معها إلى المزيدِ من المشكلات والبلايا، فإذا أراد العلاج بمزيدٍ منها فكأنما يستجير من الرمضاء بالنار، وهذا يؤكدُ صحة ما قرره العلماء وبيناه في فتاوى كثيرة سابقة من أن الواجب على الموسوس أن يُعرض عن الوسوسة تماماً، فلا يلتفتُ إليها ولا يلقي لها بالاً، ولا يعيرها أي اهتمام، هذا هو العلاجُ الوحيدُ للوسوسة، ومفعوله بإذن الله أكيد، فعليكَ أخي الحبيب لكي تعيش حياةً طبيعيةً خاليةً من المنغصات تؤدي فيها عبادتك على وجهها دون عناءٍ أو تعب، ألا تلتفت إلى هذه الوساوس، فإذا شككت هل خرج منك منيٌ أو لا، فالأصلُ أنه لم يخرج، فلا غسل عليك، فإن قال لكَ شيطانك: قد يكون خرج، فقل له :إن من رحمة الله بي أنه لم يكلفني ما لا أطيق ولم يتعبدني إلا بالظاهر المتيقن.
وإذا اغتسلت فلا داعيَ للإكثار من استعمال الماء، فهذا خلاف السنة ويكفيكَ أن تتمضمض وتستنشق بطريقةٍ عاديةٍ غير متكلَفَة، وإذا شككت في دخول شيء إلى جوفك فلا تتعب نفسك بالتفكيرِ والوسوسة فرحمةُ الله واسعة، ولم يجعل عليكَ في هذا حرج، بل أكبرُ من ذلك، لو تيقنت دخول الماء إلى جوفك ولكنك لم تتعمد إدخاله، و سبق إلى جوفك أثناء المضمضة من غيرِ قصدٍ منك فلا شيء عليك.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لو فعل الصائم شيئا من هذه المفطرات بغير إرادة منه واختيار فصومه صحيح، ولو أنه تمضمض ونزل الماء إلى بطنه بدون إرادة فصومه صحيح..انتهى.
والله أعلم.