الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
.فهذا تفسير مختصر للآيات الواردة في سؤالك.
الآية الأولى قوله تعالى: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ العَالَمِينَ. {الأعراف:80}.
قال القرطبي مفسرا لهذه الآية: يعني إتيان الذكور ذكرها الله باسم الفاحشة ليبين أنها زنى .. و لم يكن اللواط في أمة قبل قوم لوط وقوله ( إنكم لتاتون الرجل شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون) أي في جمعكم إلى الشرك هذه الفاحشة. انتهى منه باختصار.
وأما قوله تعالى: وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ. {هود:78}.
قال الطبري: كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فاحشة لم يسبقهم بها أحد من العالمين فلما جاؤوه قالوا: أولم ننهك عن العالمين؟ أي: ألم نقل لك: لا يقربنك أحد فإنا لن نجد عندك أحدا إلا فعلنا به الفاحشة ؟ قال: { يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم } فأنا أفدي ضيفي منكم بهن ولم يدعهم إلا إلى الحلال من النكاح.
الآية الثانية قوله تعالى: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ .{البقرة:222}.
قال الطبري: في تفسيره عند هذه الآية: فأتوهن من حيث أمركم الله: عن مجاهد قال: كانوا يجتنبون النساء في المحيض ويأتونهن في أدبارهن فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله: { ويسألونك عن المحيض } إلى { فإذا تطهرن فاتوهن من حيث أمركم الله } قال ابن عباس في الفرج لا تعدوه إلى غيره فمن فعل شيئا من ذلك فقد اعتدى .. انتهى منه باختصار.
وأما قوله تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ. {البقرة:223}.
أورد ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس قال: الحرث موضع الولد.. قال ابن جريج: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج، وعن عكرمة قال جاء رجل إلى ابن عباس وقال: كنت آتي أهلي في دبرها وسمعت قول الله { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } فظننت أن ذلك لي حلال فقال: يا لكع إنما قوله : { فاتوا حرثكم أنى شئتم } قائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة في أقبالهن لا تعدوا ذلك إلى غيره. انتهى منه باختصار.
فهذا هو مجمل معنى الآيات الواردة في سؤالك، ويمكنك الرجوع إلى شرحها مفصلة في كتب التفسير.
واعلم أن اللواط ليس خاصا بإتيان الذكر للذكر في دبره بل منه إتيان الذكر للمرأة في دبرها أيضا فإنه نوع من اللواط، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم إتيان الرجل زوجته في دبرها باللوطية الصغرى كما في المسند أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هي اللوطية الصغرى يعني أن يأتي الرجل امرأته في دبرها، وقد دلت نصوص صريحة صحيحة من السنة المطهرة على حرمة ذلك الفعل، وإليك جملة من الآثار الواردة فيه:
قال السيوطي في الدر المنثور: أخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي وابن عساكر عن أبي صخرة جامع بن شداد رفعه قال كان اللواط في قوم لوط في النساء قبل أن يكون في الرجال بأربعين سنة .
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن طاوس أنه سئل عن الرجل يأتي المرأة في عجيزتها ؟ قال: إنما بدء قوم لوط ذاك صنعته الرجال بالنساء ثم صنعته الرجال بالرجال
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي أنه قال على المنبر: سلوني فقال ابن الكواء: تؤتى النساء في أعجازهن ؟ فقال علي سفلت سفل الله بك ألم تسمع إلى قوله أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين. انتهى .
وقال صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأة في دبرها. رواه أبو داود والنسائي وصححه السيوطي والألباني. وقال أيضاً: من أتى كاهنا فصدقه أو أتى امرأة في دبرها أو أتى حائضاً فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد وأصحاب السنن بألفاظ متقاربة وصححه الألباني.
وروى الترمذي والنسائي: لا ينظر الله الى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها. وحسنه الترمذي وصححه الألباني.
فالحاصل أن هذا الفعل محرم شرعا بل هو كبيرة من كبائر الذنوب وهو داخل في اللواط حقيقة لأن اللوطي هو الذي يفعل فعل قوم لوط وقد كانوا يأتون النساء في أدبارهن كما يأتون الرجال.
والله أعلم.