الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يجوز أن تقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، ولا يشرع أن تقول: السلام على الله، فقد ذكر شيخ الإسلام أنه لا يجوز، ويدل لذلك ما في حديث ابن مسعود: كنا نقول قبل أن يفرض التشهد: السلام على الله، السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا، فإن الله عز وجل هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله. رواه النسائي وصححه الألباني. والظاهر أن هذا النهي يشمل المصلي وغيره لعلة النهي، وقد ذكر شيخ الإسلام في علة المنع أن السلام إنما يطلب لمن يحتاج إليه والله هو السلام، فالسلام يطلب منه لا يطلب له، بل يثنى عليه فيقال: التحيات لله والصلوات والطيبات، فالحق سبحانه يثنى عليه ويطلب منه، وأما المخلوق فيطلب له فيقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
وفي الموسوعة الميسرة في الكلام على حكم الذكر: وقد يكون الذكر حراما وذلك كأن يتضمن شركا كتلبية أهل الجاهلية، أو يتضمن نقصا مثل ما كانوا يقولون في أول الإسلام: السلام على الله من عباده.. اهـ
وقد ذكر ابن حجر في الفتح في شرح حديث البخاري: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء وفيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
ذكر ابن حجر في شرح الحديث أن فيه رواية للنسائي من حديث أنس قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يقرئ خديجة السلام يعني فأخبرها فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته.
قال ابن حجر: قال العلماء: في هذه القصة دليل على وفور فقهها لأنها لم تقل: وعليه السلام كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد: السلام على الله فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن الله هو السلام فقولوا: التحيات لله، فعرفت خديجة لصحة فهمها أن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضا دعاء بالسلام، وكلاهما لا يصلح أن يرد على الله، فكأنها قالت: كيف أقول عليه السلام والسلام اسمه ومنه يطلب ومنه يحصل؟ فيستفاد منه أنه لا يليق بالله إلا الثناء عليه فجعل مكان رد السلام على الثناء عليه، ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره فقالت: وعلى جبريل السلام.... اهـ.
والله أعلم.