الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاقتراض بالربا حرام باتفاق العلماء، وإذا اقترض الإنسان قرضاً ربوياً لإنفاقه في إقامة مثل هذا العرس الذي يمكن الاستغناء عنه فإنه يأثم لإسرافه فضلاً عن إثم الاقتراض بالربا، هذا إن سلم هذا العرس من المنكرات المصاحبة لكثير من الأعراس، وقد دل على حرمة الاقتراض بالربا ما رواه مسلم عن جابر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. وموكله أي معطيه لمن يأخذه، والواجب على المسلم الحذر من الوقوع في هذه الكبيرة، وألا يحتج بوقوع كثير من الناس في هذا المنكر العظيم.
وأما الإسراف فهو خُلق مذموم، أفتى العلماء بحرمته، قال السرخسي في المبسوط: وأما السرف فحرام، لقول الله تعالى: وَلا تُسْرِفُوا. وقال جل وعلا: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا. وذلك دليل على أن الإسراف والتقتير حرام، وأن المندوب إليه ما بينهما. انتهى.
والواجب عليك هو النصح لأسرتك في لين ورفق وبيان حرمة الربا وعظيم الإثم في الاقتراض بالربا، فإن تابوا عن ذلك وندموا فيرجى لهم أن تقبل توبتهم، ومن تاب من الاقتراض بالربا فالواجب عليه هو سداد القرض وإن استطاع أن لا يرد الفوائد فلا يردها.
أما ما اشتراه من هذا القرض فقد صار ملكاً له ولا حرج عليه في الانتفاع به، لأن إثم القرض الربوي يتعلق بذمة المقترض لا بعين المال، ولذا فإن مشاركتهم في العرس جائز إذا خلا من المنكرات، وكذلك المشاركة في غير ذلك من المأكل والمشرب، كما يجوز أن تقومي بسداد القرض الربوي دون الفوائد إلا إذا كان هناك ضرر من عدم سداد الفوائد، وإذا كان لامتناعك عن مشاركتهم في المأكل والمشرب تأثير على تركهم التعامل بالربا، فينبغي لك الامتناع عن ذلك مع التأكيد على المحافظة على بر الأم وصلة الرحم، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك، وأن يقر عينك بتوبة أسرتك من الاقتراض بالربا... ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16659، 19064، 25156، 70776، 95558، 97703، 99553.
والله أعلم.