الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حكمة الله تعالى أنه ربط الأسباب بمسبباتها ، ولكن لا يلزم من وجود الأسباب وجود المسببات فالأمر فيها ليس كالمثل الذي ذكرته، وهو ( 1+ 1 = 2) فقد يوجد مانع يمنع من حصول المسبب، فالنار تحرق ولكنها لم تحرق إبراهيم عليه السلام معجزة منه سبحانه لنبيه إبراهيم عليه السلام. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى وهو يتحدث عن الدعاء وكيف أنه سبب للإجابة: الدعاء فى اقتضائه الإجابة كسائر الأعمال الصالحة فى اقتضائها الإثابة، وكسائر الأسباب في اقتضائها المسببات. و من قال إن الدعاء علامة و دلالة محضة على حصول المطلوب المسئول ليس بسبب أو هو عبادة محضة لا أثر له في حصول المطلوب وجودا و لا عدما بل ما يحصل بالدعاء يحصل بدونه فهما قولان ضعيفان فإن الله علق الإجابة به تعليق المسبب بالسبب. انتهى.
وقال في موضع آخر: فالنار التى خلق الله فيها حرارة لا يحصل الإحراق إلا بها وبمحل يقبل الاحتراق، فاذا وقعت على السمندل والياقوت ونحوهما لم تحرقهما، وقد يطلى الجسم بما يمنع إحراقه ، والشمس التى يكون عنها الشعاع لابد من جسم يقبل انعكاس الشعاع عليه فاذا حصل حاجز من سحاب أو سقف لم يحصل الشعاع تحته. انتهى.
واعلم أن ربط المسببات بالأسباب ليس محصورا في الأمور الدنيوية فقط بل هو شامل للأمور الدينية، فإن للهداية أسبابها، وقد سبق أن بينا خطأ القول بنفي تأثير الأسباب على مسبباتها ، والقول بأن المسبب يوجد عند وجود السبب لا به فراجع الفتوى رقم: 33983.
والله أعلم.