الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس هناك فرق في الحكم بين من يعطي الربا وبين من يأخذه فكلاهما ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن جابر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال هم سواء. رواه مسلم.
والتعبير بآكل الربا المقصود به آخذه وإن لم يأكله، والتعبير بمؤكله المقصود به معطيه ودافعه ولو لم يأكله المعطي والمدفوع إليه، والحكمة من ذكر الأكل أن الأكل هو الأغلب أو أنه أعظم وجوه الانتفاع.
ويستثنى من نفي الفرق بين معطي الربا وآخذه أن معطي الربا آثم على كل حال، إذ لا يتصور فيه في الغالب الاضطرار إلى ذلك، أما آخذه فقد لا يأثم إذا بلغت به الضرورة مبلغا يخاف بسببه هلاكا أو مشقة عظيمة فيجوز له حينئذ أخذه تبعا للقاعدة الفقهية الكبرى الضرورات تبيح المحظورات المأخوذة من قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ {الأنعام:119}.
وبناء على هذا فلا حجة لمن فرق بينهما لعدم وجود بنوك إسلامية أو بحجة أن القرآن لم يرد فيه إلا تحريم أكل الربا، فعدم وجود بنوك إسلامية ليس كافيا في تحليل أخذ الربا، كما أن القول بأن القرآن لم يرد فيه إلا تحريم أكل الربا باطل لورود السنة بالتسوية بين الآكل والموكل في الإثم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1230، 19203، 79972.
والله أعلم.