الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن الطرق التي يلبس الشيطان بها على المكلفين ويوقعهم بها في حبائله طريق الوسوسة، ويبدو أنك لم تتفطن لحيلته حتى لبس عليك، وأوقعك فيما أوقعك فيه من الشر، نسأل الله لنا ولك العافية، فإذا علمت أن ما يأتيك من هواجس ووساوس إنما هو من تسويل الشيطان وعلمت أنه ليس لك بناصح ولا هو على صحة عبادتك بحريص سهل عليك أن تلقي بالوساوس رواء ظهرك فلن تلتفت إليها ولن تعيرها أي اهتمام.
أخي الحبيب إن النبي صلى الله عليه وسلم الذي وصفه ربه أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم قد علم بهذه المصيدة التي يصيد الشيطان بها العباد ودلهم على سبيل الخلاص منها فقال كما في الصحيحين: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أخرج منه شيء أم لا فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
فهذا هو الدواء النافع الإعراض عن الوسوسة وعدم الالتفات إليها وإلا لفسد عليك أمر دينك ودنياك، فاسمع النصيحة أيها الأخ الكريم إن كنت حريصا على دينك، إياك إياك أن تتمادى مع هذا الوسواس فكلما قال لك الشيطان ثوبك نجس فقل له في نفسك: اخسأ يا خبيث بل هو طاهر وكلما أوهمك بأنه قد خرج منك بول فاقطع واجزم أنه لم يخرج منك شيء.
واحرص على الجماعة مع المسلمين في المسجد ولا تفوتها وإلا فإنك تكون قد حققت للشيطان ما يريد، واعلم أن قول الشيطان لك ماذا لو كان الثوب نجسا في نفس الأمر، حيلة أخرى يصطادك بها، وعلاجها أن تعلم أن الله للطفه بعباده لم يكلف العباد إلا بما يقدرون عليه، وبواطن الأمور لا يعلمها إلا هو تعالى، ولسنا مكلفين بالتفتيش عنها، فالواجب عليك العمل بظاهر الحال، واستصحاب الأصل الذي هو الطهارة حتى يحصل عندك يقين تحلف عليه بخلافها، واجتهد في الدعاء والاستعانة بالله عز وجل في أن يعافيك من هذا البلاء وهو المسؤول أن يشرح صدرك وينور قلبك ويعافينا وإياك في الدنيا والآخرة، ومن المهم التنبيه إلى أنه لا يجوز التفكير في الانتحار، وراجع الفتوى رقم: 54026.
والله أعلم.