الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإنسان إذا فقد وعيه، وصار لا يهتدي إلى شيء، ولا يعقل ما يصدر عنه من أفعال أو أقوال، فإنه يصير في حكم المجنون سواء كان ذلك بتأثير السحر أو غيره، والمجنون غير مؤاخذ بما يصدر عنه ؛ لما روى الإمام أحمد وأصحاب السنن من حديث عائشة مرفوعا: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. وفي رواية: عن المعتوه حتى يعقل.
فإذا كانت هذه المرأة قد فعلت ما فعلت وهي لا تعقل ما تفعل ولا تدري ما تقول فهي غير آثمة لأنها لم تكن مكلفة أصلا في هذه الحالة، ولا يجوز لأحد أن يؤاخذها بما فعلت وهي في تلك الحالة، ولا أن ينسبها إلى خيانة أو فجور أو غير ذلك.
وإن كانت قد فعلت شيئا من ذلك وهي مدركة فإنها تعتبر آثمة وعليها أن تبادر إلى التوبة الصادقة وتعقد العزم أن لا تعود إلى شيء من ذلك مع الندم.
وأما بالنسبة لطلاق زوجها لها فإن كان الزوج في حالة لا يعي فيها ما يقول وهو تحت تأثير السحر ؛ فلا يقع الطلاق الذي صدر منه في هذه الحالة، قال الإمام البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وقال الشيخ: إذا بلغ به السحر إلى أن لا يعلم ما يقول لم يقع به الطلاق. انتهى. لأنه لا قصد له إذن. اهـ.
ولكن معطيات السؤال لا توحي بأن الزوج كان فاقدا لوعيه، وبالتالي فطلاقه يعتبر نافذا وله أن يرجعها في العدة أو يعقد عليها، إن كانت قد خرجت من العدة، ولم تكن هذه هي ثالث طلقة منه.
وعلى أية حال فليس له أن يمنعها من رؤية أبنائها، ويمكن أن تراجع في الأحق بالحضانة من الزوجين بعد الطلاق الفتويين رقم: 46999، ورقم: 2011، وما أحالتا عليه.
وعلى الإنسان أن يحافظ على فرائض الله من صلاة وصيام وغير ذلك، وأن يجتهد في فعل النوافل والقربات وأن يكثر من ذكر الله سبحانه، ويلزم أذكار الصباح والمساء والنوم وغيرها من الأذكار، فهذا - إن شاء الله - عاصم له من شرور السحرة وكيد الشياطين.
للفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 59391، 76852.
والله أعلم.