الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس في تقبيل المصحف نص خاص ولكن قال بعض أهل العلم بجوازِ تقبيل المصحف بناءً على أن ذلك من تعظيمه المأمور به قال السفاريني في غذاء الألباب: وجاز تقبيل المصحف، قدمه في الرعاية، وعنه ( أي الإمام أحمد) يستحب؛ لأن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يفعل ذلك، رواه جماعة منهم الدارمي بإسنادٍ صحيح. قال: كان يضع المصحف على وجهه ويقول: كتاب ربي ..كتاب ربي..انتهى.
وهذا الأثر عن عكرمة قال النووي في التبيان عنه إنه بإسنادٍ صحيح عند الدارمي عن ابن أبي مليكة عن عكرمة؛ وقال الحافظ في الفتح: ونقل عن ابن أبي الصيف اليماني أحد علماء مكة من الشافعية جواز تقبيل المصحف وأجزاء الحديث.اهـ
وفسر ابن مفلحٍ في الآداب الشرعية وجه توقف الإمام أحمد في المسألة فقال: قال القاضي في الجامع الكبير: إنما توقف عن ذلك وإن كان فيه رفعة وإكرام لأن ما طريقه القُرَب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يُستحب فعله وإن كان فيه تعظيم إلا بتوقيف، ألا ترى أن عمر لما رأى الحجر قال : لا تضر ولا تنفع ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّلك ما قبَّلتُك .انتهى. رواه البخاري ومسلم.
وفي المسألة قولٌ آخر وهو أن تقبيل المصحف بدعة؛ لأنه لم يُنقل عن النبي صلي الله عليه وسلم من طريقٍ صحيحٍ ولا ضعيف، ولا كان معروفاً بين الصحابة الذين هم أهل الفقه والدراية، والذين هم أحرص الناس على الخير، وهذا هو ما تبنته اللجنة الدائمة، وقال به جماعةٌ من المحققين المعاصرين منهم العلامة العثيمين. وللعلامة ابن باز رحمه الله تعالى رأي آخر حيث قال: لا حرج في ذلك لكن تركه أفضل لعدم الدليل، وإن قبله فلا بأس. وقد روي عن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنة أنه كان يقبله ويقول: هذا كلام ربي، لكن هذا لا يحفظ عن غيره من الصحابة ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي روايته نظر، لكن لو قبَّله من باب التعظيم والمحبة لا بأس، ولكن ترك ذلك أولى. انتهى.
وما أحسن ما قاله ابن الحاج في المدخل: وتكريم المصحف وتعظيمه يكون في قراءته والعمل به ، لا تقبيله والقيام عليه إذا أدخل كما يفعله بعضهم... والورقة يجدها الإنسان فيها اسم الله ككتب أهل العلم وغيرها فتعظيمها رفعها من مكان المهنة إلى موضع الرفعة لا بتقبيلها. انتهى.
وللمزيد تراجع الفتوى رقم: 31790.
والله أعلم.