الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أخي السائل أنك على خير إن شاء الله؛ لأن طلب العلم من أفضل القرب إلى الله تعالى، حتى نقل عن الإمام أحمد أنه قال: تعلم العلم وتعليمه أفضل من الجهاد وغيره.
لا سيما في هذا الزمن الذي قل فيه العلم وانتشر الجهل، فنوصيك ببذل الجهد والوقت في سبيل تحصيل العلم، لعل الله تعالى أن ينفعك به وينفع بك، وأما ما تشعر به أثناء الدراسة أو المراجعة من الوسوسة والخطرات التي تخيل إليك أنك تشرح للناس وأنك مراء، فاعلم أنها كلها من الشيطان ليصدك بها عن طلب العلم، والشيطان حريص على الوقوف أمام العبد بكل طريق يوصل إلى الله، لكي يثبطه عن المسير، وقد أخبرنا الله عنه أنه قال متوعدا بني آدم: ..... لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. {الأعراف 16}.
قال القرطبي: أقعدن لهم صراطك المستقيم أي بالصد عنه .... والصراط المستقيم هو الطريق الموصل إلى الجنة . انتهى.
فاحذر أخي السائل من أن تصدك تلك الوساوس عن طلب العلم، وجاهد نفسك على إصلاح النية والإخلاص لله تعالى بأن تنوي بالطلب رضا الله والتقرب إليه، وأن تعبده على بصيرة وترفع الجهل عن نفسك. وقد قال الإمام أحمد : طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحت نيته، قيل: فأي شيء تصحيح النية؟ قال: ينوي أن يتواضع فيه وينفي عنه الجهل ...
فانو أن تتواضع بالعلم الذي تطلبه لا أن تتكبر، وانو أن ترفع الجهل عن نفسك، ولا عليك بعد هذه النية من وساوس اللعين. واجتهد في إبعادها وعدم الالتفات إليها.
وأما كيفية المراجعة فتكون بترديد ما حفظه الطالب إما على نفسه وإما على غيره من أهل بيته ونحوهم، ويكثر من ترديد المحفوظ حتى يرسخ في الذهن ويثبت.
والله أعلم.