الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أتى هذا الشخص جملة من الخطايا والمنكرات، وسقط في مهاوي الكبائر والموبقات، وأشنع أفعاله ما أقدم عليه من سب الدين – والعياذ بالله – فقد أجمع أهل العلم على أن سب الدين خروج عن ملة المسلمين وكفر برب العالمين، ثم ترك الصلاة أكبر كبيرة بعد الشرك بالله، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة.
ثم سبه لأمه وإهانته لها كبيرة توجب اللعن من رب العالمين، أخرج البخاري في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. وفي لفظ لمسلم: من الكبائر شتم الرجل والديه.
ثم ضربه لزوجته بهذه الوحشية إثم مبين وظلم عظيم، فليتق الله تعالى ويتب قبل أن يفاجئه الموت وهو على ذلك فيندم حين لاينفع الندم.
وبناء على ما أتى به هذا الشخص من سب للدين، فهذا الفعل مخرج من الإسلام، ويصير فاعله من الكافرين، والواجب عليه الدخول في الإسلام بالنطق بالشهادتين، أما بالنسبة لعلاقته بزوجته في ضوء هذا فقد اختلف الفقهاء في الزوج إذا ارتد عن الإسلام: فعند أبي حنيفة ومالك ورواية عن أحمد أن الفرقة تقع بينه وبين زوجته ساعة الردة.
وذهب الشافعي وهو رواية عن أحمد وهي المذهب إلى أن الفرقة تتوقف على انقضاء العدة. فإن تاب الزوج ورجع إلى الإسلام حال العدة، فهو على النكاح السابق، وإن لم يتب إلا بعد انقضاء العدة وقعت بينهما الفرقة منذ الردة، قال ابن قدامة الحنبلي في المقنع: وإن ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح، ولا مهر لها إن كانت هي المرتدة، وإن كان هو المرتد فلها نصف المهر. وإن كانت الردة بعد الدخول فهل تتعجل الفرقة أو تقف على انقضاء العدة؟ على روايتين. انتهى
واختلف العلماء بعد ذلك أيضا في نوع هذه الفرقة فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنها فسخ لا طلاق قال العبادي في شرح مختصر القدوري وهو من الحنفية: وإذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام وقعت البينونة بينهما فرقة بغير طلاق عندهما - يعني أبا حنيفة وأبا يوسف - وقال محمد إن كانت الردة من الزوج فهي طلاق. انتهى وذهب مالك ومحمد بن الحسن من الحنفية إلى أنها طلاق بائن.
والذي ننصح به زوجته أن ترفع أمرها إلى المحاكم الشرعية، وتقص على القاضي ما حدث من زوجها، وكم مرة وقع منه سب الدين، وهل تاب من ذلك أم لا، ثم يقرر القاضي بعد ذلك إذا ما كانت العلاقة الزوجية باقية أم لا.
فإن حكم القاضي ببقاء عقد الزواج ورأت المرأة من زوجها رجوعا إلى الإسلام وتوبة صادقة فلترجع إليه وإلا فلا يحل لها البقاء معه.
وأما ما قامت به أخته من إبلاغ أهل الزوجة عن ضربها فهو لا شك عمل من الأعمال الصالحة وهي مشكورة عليه؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 75463، 25611.
والله أعلم.