الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه الترمذي وأبو داود، وصححه الألباني.
ومجرد زواج الرجل من امرأة ثانية ليس فيه إلحاق أي ضرر بالأولى طالما التزم العدل بينهما في المعاملة وغيرها, فطلبها الطلاق بمجرد زواجه الثاني حرام، ويدخلها في الوعيد المذكور.
ولا يجوز لها أن ترفع دعوى للطلاق لأجل هذا السبب، وإذا رفعت فليس للقاضي أن يحكم بطلاقها لأجل هذا السبب ؛ لأن الأصل أن الطلاق حق للزوج لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الطلاق لمن أخذ بالساق - يعني الزوج - رواه ابن ماجة وغيره وحسنه الألباني.
وإنما يحكم القاضي بطلاق المرأة من زوجها إذا وجد سبب لإجبار الزوج على الطلاق، كإضراره بالزوجة أو إعساره بالإنفاق، فطلاق القاضي في هذه الأحوال صحيح ولو لم يتلفظ الزوج بالطلاق.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: لأن الزوج إذا أبى الفيء - يعني من الإيلاء - والتطليق يقدم إلى الحاكم ليطلق عليه الحاكم.. اهـ
وقال ابن قدامة في المغني في حديثه عن المُولي الذي امتنع من الفيئة: فإن لم يطلق طلق الحاكم عليه.. وليس للحاكم إجباره على أكثر من طلقة. اهـ
وقال ابن مفلح في الفروع: فإذا لم توجد نفقة ثبت إعساره، وللحاكم الفسخ بطلبها. اهـ
أما إذا لم يكن هناك سبب لإجبار الزوج على الطلاق أو التطليق عليه فإن الطلاق باطل.
وإذا تزوجت المرأة بناء على هذا الطلاق فإن العقد باطل، لأنها ما زالت زوجة لزوجها الأول، ومن هذا يعلم حكم طلب المرأة الطلاق لغير ضرر، وأن للمرأة طلب الطلاق لمسوغ من عجز عن نفقة أو إضرار بها وأنه ليس للقاضي أن يطلق المرأة على زوجها لغير مسوغ لذلك، لكن لا يمكننا تنزيل شيء من هذه الأمور على هذه القضية بالذات لعدم تحققنا من حيثياتها ولم نسمع القضية من جميع الأطراف. وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35430، 5198 .
والله أعلم.